بدأت صباح أمس الإثنين في العاصمة الإماراتيةأبوظبي فعاليات المؤتمر السنوي الثالث عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية..الذي يقام تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المركز تحت عنوان "الخليج العربي بين المحافظة والتغيير".. وذلك بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي. كما حضر افتتاح المؤتمر عدد من الوزراء وكبار المسئولين والخبراء والمختصين في شؤون الخليج وسعادة عبدالرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأكد الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز في كلمة ترحيبية ألقاها نيابة عنه السيد عبدالله حسين المدير التنفيذي بالمركز..ان التحديات الداخلية في دول الخليج العربية والتحولات التي تشهدها مجتمعاتها اصبحت اليوم ضاغطة اكثر من اي وقت مضى وتفرض الحاجة الى التغيير. وقال ان هدف المؤتمر هو دراسة التغيير السياسي المناسب للمجتمع الخليجي والوصول الى آليات تؤدي الى المشاركة السياسية للمواطنين في صنع القرارات العامة كما يهدف الى تحليل المتغيرات السياسية المؤثرة في حالتي ايران والعراق وفهم التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية والتعليمية في العالم للإجابة على سؤال حول تحقيق الحداثة من خلال شرط العلمنة او من خلال الدور الذي يلعبه الدين. واعتبر أن الحوار الداخلي الوطني الحر في كل دولة على حدة هو الذي يحدد معالم طريق الاصلاح..مشيرا الى عدم وجود خطة أو وصفة إقليمية شاملة لتطبيق جهود الاصلاح السياسي وضمان نجاحها في منطقة الخليج. وأضاف انه بدلا من الحديث عن التحولات الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط او في الخليج يجب التركيز على وضع كل دولة على حدة لأن ما يمكن ان ينجح فيها قد لاينطبق بالضرورة على دولة اخرى. وأوضح ان دول مجلس التعاون استطاعت الجمع بين التكيف مع الحداثة وحماية القيم التقليدية كما ان القيادات الحالية فيها اثبتت عدم خشيتها من دراسة التغيير ومواجهته. وأعرب في ختام كلمته عن الامل في ان يكون المؤتمر بداية لإثارة نقاش علمي وموضوعي للتوصل الى حلول ومقترحات عملية وواقعية لقضية الاختيار بين المحافظة والتغيير الذي لا يمكن في رأيه حسمه بين عشية وضحاها. ثم ألقى معالي عبدالرحمن العطية امين عام مجلس التعاون كلمة أكد فيها أن إستراتيجية التغيير أو التحول في المنظومة الخليجية العربية اعتمدت منهج التحديث والتجديد المتدرج لا منهج الطفرة الفجائية واعتمدت صيغة التشاور والتوافق العام نائية بنفسها عن اللجوء لآليات العنف أو الصراع. وأوضح أن جوهر هذا التغيير المجتمعي ظل ولم يزل يستلهم الإسلام عقيدة وتراثا ومنظومة متكاملة للقيم ومحددا أساسيا لتشكيل الهوية والوعي الجماعي دون ان يعني ذلك انعزالا أو انغلاقا لا ينتج على القيم الانسانية العليا ولايتفاعل مع الحضارات والثقافات من كل منهل ومنبع يأخذ منها ويعطيها مثلما فتح عليها وأعطاها من قبل التراث العربي والإسلامي عبر القرون. وقال إن المجتمعات الإنسانية بما فيها المجتمعات الخليجية العربية في ظل العولمة وثورة المعلومات والاتصال وفضاء المعرفة إنما هي كيانات حية متفاعلة تسعى فيها النظم والمجتمعات إلى تلبية احتياجات شعوبها وتحقيق مصالحها من خلال آليتين رئيسيتين هما آلية الاحتفاظ بالأنماط التقليدية في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وآلية الابتكار والتجديد أو آلية التغيير وأشار الى انه في إطار المنظومة الخليجية العربية ليس ثمة ما يمثل قوى الاستمرارية أو قوى المحافظة بكل دلالاتها مثل الإسلام الصحيح المعتدل عقيدة وشريعة وتراثا وقيما وسلوكا لمنظومة اجتماعية وثقافية متكاملة صاغت وبلورت عبر قرون ملامح الهوية لشعوب المنطقة العربية والإسلامية. وشدد على أنه مع التسليم بالمكانة المركزية التي يحتلها الإسلام عقيدة وتراثا في تحقيق الاستمرارية وبدوره الحاسم في الحياة السياسية في منطقة الخليج العربي فإنه من الضروري في ظل الظواهر البغيضة التي تنكر على الإسلام اعتداله وسماحته تأكيد الوشائج القوية بين قيم الإسلام وقيم الديمقراطية وبين قيم الإسلام وثقافة الحوار وثقافة السلام ونبذ التطرف والإرهاب واحترام الآخر وحقوق الإنسان وتمكين المرأة وحماية الطفل وسد كل الفجوات المزعومة بين مبادئ الإسلام والشريعة السمحة وبين الطروحات المعاصرة للنظام الديمقراطي. وأضاف انه في إطار المنظومة الخليجية العربية أيضا ترتبط آفاق التغيير وأدواته على المستويين المؤسسي والمجتمعي ارتباطا وثيقا بتطور الاقتصاد وتطور التكنولوجيا وبجودة التعليم وحرية الإعلام ولذلك فإن عولمة الاقتصاد والتجارة تفرض على المنظومة الخليجية العربية استراتيجية في التغيير والتحول تتأسس على صناعات المستقبل مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والثروات غير النفطية والارتقاء بالقدرة التنافسية وتحليلا للاتجاهات والتحولات الاقتصادية المعاصرة في المنظومة الخليجية. وقال ان هذا التحليل يكشف عن استجابات هامة تتمثل في الانتقال التدريجي من اقتصاد الموارد إلى اقتصاد المعرفة وهو تطور يفرض إشكالا جديدة من التنمية القائمة على اقتصاد المعرفة تقوم على أسس الإبداع والابتكار وتجويد التعليم وسياسات التنمية البشرية ككل. وأكد في هذا الصدد أنه لا مجال اليوم لمزيد من التعليم التقليدي العتيق الذي لايأخذ بأسباب التغيير في الإستراتيجية والأهداف على المدى القريب والبعيد دون تفريط في الموروث الثقافي الحديث عن أنماط التغيير المنشود في المنظومة الخليجية يتجاوز التحول إلى اقتصاد المعرفة أو الارتقاء بالتعليم ويمتد إلى استثمار تكنولوجيا الإعلام إلى أداة فاعلة في عملية التحول السياسي والثقافي في منطقة الخليج والشرق الأوسط على اتساعه.