أوصت هيئة المحلفين في المحكمة الخاصة برجال الدين في ايران بإدانة وزير الداخلية السابق عبدالله نوري في خمس عشرة تهمة أساسية من أصل عشرين وجهت اليه كونه المدير المسؤول عن صحيفة "خرداد" الاصلاحية. وتأتي هذه التوصية وفقاً لما كان متوقعاً، حتى ان أكثر المتفائلين المقربين من نوري لم يجدوا مفراً من اعلان تشاؤمهم بعد انتهاء الجلسات العلنية للمحاكمة التي اتسمت بأنها كانت صاخبة ومثيرة في آن على خطي الهجوم والدفاع. وسارع الخصوم السياسيون لنوري الى قراءة "الفاتحة" السياسية له في ضوء مراجعاته. وقالت مصادر مستقلة ل"الحياة" انها تتوقع ان يأخذ رئيس المحكمة بتوصية هيئة المحلفين التي اعتبرت ان نوري لا يستحق تخفيف الحكم الذي سيصدر بحقه، وتتوقع ايضاً ان يتضمن الحكم السجن واغلاق الصحيفة ومنع نوري من ممارسة العمل الصحافي سنوات عدة. وتسجل هذه المصادر ان نوري حصر دفاعه في الطعن بشرعية المحكمة اساساً، فيما لم ينفِ بشكل واضح التهم الموجهة اليه، وهي في غالبتيها تتعلق بالسياسة التي يريد ترجمتها ويدعو الى تحقيقها. وقد وُصفت هذه السياسة بأنها تستبطن خروجاً على الثوابت والأسس التي يقوم عليها نظام الجمهورية الاسلامية وتتعار ض مع آراء الإمام الخميني مؤسس هذا النظام. ويذهب بعض الأوساط الاصلاحية الى اعتبار دعوة عبدالله نوري الى عدم معارضة عملية التسوية الشرق أوسطية بأنها أحرجت أوساطاً عليا في قيادة التيار الاصلاحي قد تستلزم موقفاً يصدر لاحقاً يعيد الأمور الى نصابها. الا ان أوساط الاصلاحيين ترى في محاكمة نوري بمجملها إقصاء له عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة كأحد أبرز الوجوه التي أثارت وتثير زوابع سياسية في وجه المحافظين. ويرى بعضهم ان المحافظين استطاعوا تنفيذ خطتهم بإحكام بسوق نوري الى المحكمة، وإثارة الإرباك في أوساط الاصلاحيين قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة. أما الإدانة المتوقعة لنوري، فستكون دليلاً مهماً لدى مجلس صيانة الدستور للطعن بصلاحية نوري للترشح الى انتخابات البرلمان المقبل، اذ علاوة على الحكم القضائي الذي سيصدر بحقه فإنه سيعتبر في جوهره ادانة للبرنامج السياسي لنوري. يضاف الى ذلك ان بعض الأوساط الاصلاحية فشل في محاولته اقناع نوري بعدم الدخول في تحدٍ أمام المحكمة في قضايا تعتبر شائكة جداً بالنسبة الى الشارع الايراني، ومنها الدفاع عن آية الله حسين علي منتظري الذي عزله الإمام الخميني قبل وفاته من منصب خلافته. أما نوري فيبدو مصمماً على الترشح للانتخابات بناء على عدم اعترافه بشرعية المحكمة وما يصدر عنها، فيما يتوقع ان تشهد الساحة مزيداً من السخونة كلما اقترب موعد الانتخابات.