قال مصدر قريب من القاضي الفرنسي جان لوي بروغيير ل"الحياة" أن قرار الأخير درس شكوى ضد الزعيم الليبي العقيد معمّر القذافي، في إطار قضية تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية فوق صحراء النيجر سنة 1989، كان نتيجة خلاف قضائي بين المدّعي العام وبروغيير نفسه في شأن تطبيق الإجراءات القانونية. وأوضح المصدر أن محكمة باريس اعتبرت، بقرار من المدّعي العام دوتياك اشتراكي، أن هناك شرطين قانونيين يمنعان درس شكوى منظمة "اس. او. اس. اتنتا" التي تمثّل ضحايا الاعتداءات الارهابية، ضد الزعيم الليبي. وذكر أن أول هذين الشرطين هو الغياب التام لأي عمل جنائي، وثانيهما هو تأثير الشكوى على العمل العام واستهدافها أطرافاً تتمتّع بحصانة أو إمتياز. وتابع أن المحكمة والمدّعي العام ركّزا قرارهما في شأن عدم جواز ملاحقة القذافي في قضية "ىوتا" كونه رئيس دولة. وأضاف انه "لاعتبارات سياسية"، طلب المدّعي العام من قاضي المحكمة أن يعلن أن صلاحياته لا تسمح له بدرس الشكوى ضد القذافي والتحقيق في شأنها. وأفاد المصدر أن المعاهدات الدولية وقوانين القضاء الفرنسي تملي على بروغيير النظر في الشكوى المقدّمة ضد القذافي. وتابع ان بروغيير شرح ذلك لكل من الرئيس جاك شيراك ووزير الخارجية هوبير فيدرين خلال لقاء له معهما ومع أوساط قريبة منهما. وتابع ان برغيير يرى ان المسألة اجرائية بحت، وليست على صلة بمضمون قضية "يوتا". وتابع أن محاكمة المتهمين في قضية "يوتا" تمّت غيابياً، وان التحقيقات فيها أجراها بروغيير نفسه و"لو كان هناك داع لملاحقة القذافي لكان ذلك جرى في حينه. وبما أنها لم تحصل، فهذا يعني ان القضاء اكتفى باتهام ستة ليبيين، دون استهداف القذافي، استنادا الى ملّف تحقيق واضح". وكان بروغيير هوالذي أصدر مذكرات الاعتقال بحق الليبيين الستّة الذين دانتهم محكمة فرنسية في آذار مارس الماضي. واستبعد المصدر أن تكون فرنسا قرّرت تشديد موقفها من ليبيا، عبر ملاحقة القذافي. وأكد "أن كل ما هناك هو نزاع اجرائي داخل القضاء الفرنسي". وشدد على ضرورة عدم إعطاء قرار بروغيير تفسيراً خاطئاً، معتبراً أن ليس لدى الليبيين "أي مصلحة في التشنّج، لأنه بروغيير لم يقل في أي وقت من الأوقات ان القذافي سيلاحق. الأمر مقتصر على درس شكوى في حقه لمعرفة هل تستند الى أسس أم لا". ومضى يقول أن الشكوى لا تتضمّن أي جديد يشير الى تورّط القذافي في حادثة التفجير، وبالتالي فإن التحقيق لن يؤدّي الى نتيجة خصوصاً أن ذوي الضحايا عاجزون عن الحصول على أدلة في هذا الشأن. وعلمت "الحياة" من مصادر مطّلعة أن سفيرة فرنسا في ليبيا جوزيت دالان التقت عدداً من المسؤولين الليبيين لتهدئة الأوضاع وشرح قرار بروغيير درس الدعوى ضد القذافي.