} تبدأ في الخرطوم اليوم اعمال المؤتمر التأسيسي العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، في ظل اهتمام وترقب واسعين، نظراً الى القضايا المعقدة والحساسة التي يتناولها الاجتماع، وفي مقدمها هيكلة الحزب الحاكم وتأثيرات ذلك على التوجهات السياسية للبلاد في المرحلة المقبل. قال الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني رئيس البرلمان الدكتور حسن الترابي، عشية انعقاد المؤتمر العام الذي يحضره نحو 10 آلاف عضو في الحزب الحاكم: "هذا مؤتمر حقيقي لتداول الرأي بين قيادات تمثل كل أهل السودان، وليس لقاء احتفالياً". ويتوقع المراقبون ان تشهد جلسات المؤتمر نقاشاً حاداً بعدما اثير اخيراً عن وجود تكتلات داخل الحزب وتنافس على النفوذ بين مجموعتين تؤيد احداهما الخط الذي ينتهجه الرئيس عمر البشير وتدعم الثانية توجهات الترابي نحو المصالحة مع المعارضة. ودعا الترابي المشاركين في المؤتمر في تصريحات صحافية امس الى "العمل بمبادئ الشورى والالتزام بما تفضي اليه من قرارات". والى "الابتعاد عن التكتلات والمؤامرات التي تحاك في الخفاء". وقال نائب الأمين العام للحزب السيد عثمان عبدالقادر ان المؤتمر سيناقش ثماني ورقات عمل رئيسية تتعلق بقضايا السودان المختلفة ورؤية الحزب الحاكم في شأنها. وتوقع ان يجيز المؤتمر اقتراحات بينها اعتماد هيكلة جديدة تقوم على ثمانية قطاعات ابرزها القطاع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وأشار عبدالقادر الى ان البشير "رئيس المؤتمر في الدورة السابقة سيخاطب المشاركين ويعرض ما تم انجازه خلال الفترة الماضية والخطة المقترحة للدورة المقبلة". ويخاطب المؤتمر ايضاً الترابي الذي يطلع المشاركين على مسيرة العمل السياسي وخطوات بناء المؤتمر منذ تسجيله وفقاً لقوانين التوالي السياسي بداية العام الجاري. ويقدم الأمين العام اقتراحاً بإجراء تعديلات في النظام الأساسي ينتظر ان تشمل قضايا محل خلاف مثل تقليص صلاحيات رئيس المؤتمر وإعطاء صلاحيات واسعة للأمين العام تمكنه من ادارة العملية السياسية في البلاد باعتبار ان الحزب هو الذي يختار المسؤولين من صفوفه. وتشمل الاقتراحات ايضاً تفرغ الأمين العام للعمل الحزبي وتجديد ولاية رئيس الجمهورية لدورة جديدة. وقال نائب الأمين العام ان الحزب سينتخب اعضاء هيئة الشورى اعلى هيئات الحزب في غياب المؤتمر العام والتي تقوم بدورها بانتخاب نواب الأمين العام ورؤساء واعضاء القطاعات الثمانية. وقال قياديون بارزون ان الحزب احرز نجاحاً كبيراً على الصعيد السياسي خلال المرحلة الماضية، لكن عدم تنفيذ السياسات الاقتصادية بالصورة المطلوبة جعل التحسن في الأوضاع لم ينعكس على واقع المواطنين المعيشي. واتفقت هذه القيادات على ان قضايا تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين والمصالحة السودانية وتحقيق السلام من الأولويات التي سيتم التركيز عليها في مداولات المؤتمر العام. ويتألف "المؤتمر الوطني" من قطاعات واسعة من السودانيين انضمت الى الحزب الحاكم لأسباب مختلفة ومن مواقع مختلفة لكن اعضاء الجبهة القومية السودانية يمثلون عماده. ويلاحظ ان غالبية الاعضاء لم يكونوا اعضاء في الجبهة الاسلامية وانما قيادات اختارتها قبائلها ومناطقها لتمثيلها في السلطة. واعتاد سكان الاقاليم السودانية على المشاركة في كل انظمة الحكم العسكرية والديموقراطية من خلال منطلقات اقليمية تحكمها قضايا الخدمات والتمثيل القبلي والعشائري، على عكس سكان العاصمة والمدن الكبيرة التي تتحكم في مشاركتهم في السلطة مواقفهم السياسية من النظام. ويتمتع مسؤولو "المؤتمر الوطني" بصلاحيات واسعة في ادارة شؤون الولايات والمحافظات ويمثلون في لجان الأمن والخدمات ويشاركون في اختيار الولاة وبرلمانات الولايات. وتتألف عضوية المؤتمر العام من ممثلين لقطاع المرأة والقطاعات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والشبابية التي تعقد مؤتمرات منفصلة. ويمثل في المؤتمر ايضاً ممثلو الولايات ال26 الذين يعقدون ايضاً مؤتمرات الولايات. ويضاف الى هؤلاء النواب من اعضاء الحزب وأعضاء مجلس الوزراء. ويعتبر المؤتمر الوطني اول حزب يعقد مؤتمره وفقاً لقانون تنظيم التوالي السياسي بعد اكتمال عقد مؤتمراته القاعدية في الولايات والقطاعات المختلفة على المستوى القومي. وسجل اكثر من 25 حزباً وفقاً لقانون التوالي بينها 8 احزاب يعتقد بأنها تستطيع الفوز بمقاعد في البرلمان التي تجري انتخاباته في آذار مارس المقبل. ويسبق المؤتمر التأسيسي استحقاقات مهمة هي الانتخابات البرلمانية وانتخابات رئاسة الجمهورية في نيسان ابريل 2001 ما يجعله حاسماً لجهة سير الحكم خلال العامين المقبلين. وينتظر ان تجد قضية المصالحة حظاً وافراً من النقاش في المؤتمر. وعلى رغم ان تياراً غالباً في الحزب بات مقتنعاً بضرورة التحول الى تسوية سلمية تضمن له الاستمرار كحزب مؤثر وقوي خلال عهد ديموقراطي، الا ان حادثة تفجير انبوب النفط اخيراً قرب مدينة عطبرة، زودت التيار المتشدد ضد الوفاق بمادة اعلامية مؤثرة تدعم ما يذهب اليه ضد المعارضة. وعلا صوت المتشددين في الأيام الماضية ما اعاد التوتر الى الساحة السياسية الداخلية التي شهدت استرخاء وحرية واسعة لقادة المعارضة في الداخل في الادلاء بتصريحات يومية. وشهدت الفترة الماضية ايضاً صدور عشر صحف يومية معظمها مستقل ما ساهم في اثراء الدعوة الى تسوية سلمية. الا ان الأيام الأخيرة شهدت ايضاً تضييقاً على الصحف واغلاق احداها وصدور تصريحات متشددة ضد المعارضين واعتقال بعضهم لفترات محدودة.