} توقعت الأوساط السياسية البريطانية معركة حامية على رئاسة بلدية لندن بعد قرار حزب المحافظين الاسبوع الماضي ترشيح اللورد جفري آرشر للمنصب وكذلك اعلان وزير الصحة العمالي فرانك دوبسون الأحد الماضي استعداده للترشيح. وتجري الانتخابات، وهي الأولى من نوعها، في الرابع من أيار مايو المقبل. يجتمع فرع لندن لحزب العمال نهاية الشهر المقبل للبت في ترشيح احد انصاره لرئاسة بلدية لندن. وفي حال الاتفاق على ترشيح فرانك دوبسون سيكون عليه الاستقالة من الحكومة للتركيز على الحملة الانتخابية. ويعني ذلك ان على رئيس الحكومة توني بلير القيام بتعديل وزاري أوسع من التعديل المتوقع بعد استقالة وزير الدفاع اللورد جورج روبرتسون، الذي يتسلم أواخر السنة الأمانة العامة لحلف شمال الأطلسي. وتنفرد لندن بين غالبية العواصم العالمية، بافتقارها الى رئيس بلدية، وتثير الانتخابات تبعا لذلك، اهتماما وحماسا كبيرين بين سكان المدينة والعاملين فيها. وتنقسم المدينة حاليا الى 32 منطقة لكل منها رئيس بلديتها الخاص، لكن المنصب لا يخوله الكثير من الصلاحيات وهو رمزي في الدرجة الأولى. وهناك منصب تقليدي هو "عمدة لندن"، لكنه يمثّل الحي المالي في قلب العاصمة. المنصب الأقرب الى رئاسة البلدية الذي عرفته لندن هو "رئيس مجلس لندن الكبرى". وفي 1986 ألغت رئيسة الوزراء المتشددة مرغريت ثاتشر المجلس معتبرة انه من المعاقل الرئيسية لليسار. وكانت هذه الضربة موجهة في شكل خاص الى رئيس المجلس وقتها كين ليفنغستون المعروف براديكاليته. وانتخب ليفنغستون نائبا في مجلس العموم السنة التالية. وأعلن ليفنغستون، الملقب ب"كين الأحمر"، عزمه على المنافسة على الترشيح عن حزب العمال، وهو لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة، يغذيها حضوره الدائم في برامج النقاش الاذاعية والتلفزيونية وأطواره الغريبة الى حد ما، من بينها هوايته في تربيبة الحيوان المعروف باسم "سمندل الماء". ويُعتبر وزير الصحة دوبسون الوحيد القادر على دحر ليفنغستون عندما يدلى اعضاء حزب العمال في لندن البالغ عددهم 65 ألف عضو بأصواتهم الشهر المقبل لاختيار مرشحهم ضد مرشح المحافظين اللورد آرشر والمرشحة الديموقراطية الليبرالية سوزان كريمر. وكان دوبسون أعلن قبل أشهر انه لا ينوي التنافس على رئاسة البلدية. ويعتبر مراقبون ان تغير موقفه جاء نتيجة ضغوط من رئيس الوزراء بلير وكبار اعضاء الحكومة الذين يخشون ان ليفنغستون في حال نجاحه، سيحول رئاسة البلدية الى منبر يساري معارض لسياساتهم. وتتنافس على الترشيح عن العمال شخصيات اخرى بينها الوزيرة السابقة والممثلة السابقة الحائزة على الأوسكار غليندا جاكسون والصحافي والمنتج التلفزيوني الأسود المعروف تريفور فيليبس ووزيرشؤون لندن نيكولاس رينسفورد. أما مرشح المحافظين اللورد آرشر فهو روائي ثري وكان سابقا رئيسا لحزب المحافظين. وهو يواجهه تساؤلات عن اخلاقية بعض تعاملاته المالية واتهامات بتزوير تفاصيل عن حياته الخاصة وتعليمه. وأغضب آرشر الصحافيين بعد فوزه بالترشيح عندما رفض الاجابة على اسئلتهم، خصوصا تلك التي تتعلق بمجموعة من أسهم لشركة "انغليا" للتلفزيون اشتراها صديق له في الوقت الذي كانت فيه زوجته الليدي آرشر عضوة في مجلس ادارة الشركة. وحصل آرشر على أصوات 15716 عضوا من حزب المحافظين في لندن، في مقابل 6350 لمنافسه وزير الخارجية السابق ستيفن نوريس. وعرف عن نوريس مغامراته الغرامية الكثيرة. وحاول التقرب من الناخبين عن طريق عرض الزواج على عشيقته الحالية، غير ان زوجته سارعت الى تذكيره بانه لا يزال متزوجا منها. وكان كين ليفنغستون حذر قيادة العمال، قبل اعلان دوبسون دخول الحلبة، من تفوق آرشر على كل المرشحين العماليين عداه. وأشار خصوصا الى استطلاع اعطى ليفنغستون 40 في المئة من الأصوات مقابل 23 في المئة الى دوبسون. وقال ان "مجيء آرشر رئيسا للبلدية سيكون كارثة على لندن"، واعتبر ان "قضية المواصلات هي التي ستقرر نتيجة الانتخابات". وتخشى أوساط العمال من أن حصول دوبسون على ترشيح الحزب سيدفع ليفنغستون الى المشاركة في الانتخابات مرشحاً مستقلاً، ما يؤدي الى شق أصوات مؤيدي الحزب ويعطي آرشر فرصة للفوز.