وجّه حزب الاستقلال المغربي، للمرة الثانية في اسبوع، انتقادات حادة الى الحكومة والى طريقة تدبيرها الشأن العام. وتحولت ندوة عن "قضايا الاعلام في المغرب" نظمها الحزب ليل الخميس - الجمعة في الرباط الى "شبه محاكمة" لأداء الحكومة في الأشهر ال18 التي مضت على تنصيبها، في آذار مارس 1998. وأخذ السيد عباس الفاسي، الامين العام لحزب الاستقلال الذي قاد الندوة بمشاركة عدد من الوزراء الاستقلاليين واعضاء اللجنة التنفيذية للحزب وممثلي وسائل الإعلام، على الحكومة التي يرأسها السيد عبدالرحمن اليوسفي "تقاعسها عن تطبيق الاصلاحات التي تعهدت القيام بها". بيد انه اكد استمرار دعم حزبه للائتلاف الحكومي، في اشارة الى ما يتردد في الاوساط السياسية في البلاد عن احتمال خروج حزب الاستقلال من الحكومة في التعديل المرتقب فيها. ولحزب الاستقلال في حكومة اليوسفي خمس حقائب من ابرزها الصحة والتجهيز والاعلام. وانتقد الفاسي كيفية تعاطي الحكومة مع الشأن العام وعدم منحها المواطنين "اشارات ايجابية". وقال ان "انتظار الشعب المغربي طال ولم تقم الحكومة بأي شيء يذكر في عدد من القطاعات". بيد انه اكد ان حزب الإستقلال حريص على إنجاح تجربة التناوب، مبرراً الانتقادات الموجهة الى الحكومة ب"الرغبة في ممارسة نقد ذاتي بناء وضروري". واعتبر ان المغرب يعيش في الوقت الحاضر "مؤامرة صمت رهيب يضر بمصالح البلاد"، داعياً الى كسر هذا الصمت وعدم المشاركة فيه عبر ابداء الرأي. ولفت الى المجالات التي كان من الممكن ان تُصلحها الحكومة منذ توليها السلطة في آذار مارس 1998، في اشارة الى مطالب باصلاح الادارة العامة ومحاربة الرشوة وترشيد النفقات وتعزيز الحريات العامة والفردية واصلاح القضاء، وهي وردت في البرنامج الحكومي الذي قدّمه اليوسفي. وقدم الفاسي امثلة على ذلك تتعلق باستهلاك موازنة البلاد مبلغاً يفوق 22 بليون سنتيم تُقدم تعويضات للموظفين في وزارة المال. ورأى ان ذلك يُعتبر تبذيراً لا مبرر له. وقال الفاسي، من ناحية اخرى، ان مجال الاعلام في المغرب عرف تراجعاً كبيراً ولا يترجم مستوى الانفتاح الذي تعيشه البلاد، مشيراً الى ان أعضاء حزب الاستقلال في الغرفة الثانية في البرلمان قدموا اقتراحاً لتعديل قانون 1973 الذي ينظّم الحريات لكنه "قوبل بالرفض". ودعا الى اصلاحات حقيقية في مجال الاعلام في المغرب، مركزاً على وسائل الاعلام السمعية البصرية التي اتهمها ب "تحريف تصريحات المسؤولين السياسيين وممارسة التعتيم عليهم". ويتولى السيد العربي المساري عضو اللجنة التنفيذية في حزب الاستقلال حقيبة الاعلام. بيد انه واجه منذ توليه منصبه صعوبات في تمرير "مشروعه الاصلاحي". ودعا في البداية الى تغيير العقليات، مستبعداً تغيير الاشخاص. لكن مصادر مستقلة قالت ان مشروع اصلاح الإعلام السمعي البصري يشكل "موضوع خلافات حزبية يترجمها استمرار الوضع على ماهو عليه". الى ذلك، رأت مصادر حزبية في لهجة التصعيد التي يقودها حزب الاستقلال بداية لتصدع في حكومة اليوسفي. ويذهب محللون الى الاعتقاد ان حزب الاستقلال قد ينسحب من الحكومة في حال عدم حدوث تطور ايجابي في أدائها، خصوصاً ان الاستحقاق الانتخابي المقبل لا يبعد أكثر من ثلاث سنوات. وقال سياسيون وشخصيات من المجتمع المدني ان وضع الاحزاب المشاركة في الحكومة لن يكون افضل في حال اجراء انتخابات سابقة لاوانها. وهذه هي المرة الاولى التي تصدر فيها اشارات بهذه القوة الى تصدع محتمل في التحالف الحكومي الذي يقوده الاتحاد الاشتراكي بقيادة اليوسفي.