أعلنت القيادة الروسية ان قواتها "حررت" ضواحي العاصمة الشيشانية، إلا ان وزير الدفاع ايغور سيرغييف نفى احتمال اقتحام غروزني "ان لم تستدع الضرورة" وسيواجه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين مهمة صعبة في اقناع قيادة الاتحاد الأوروبي بتأييد التحرك الروسي في الشيشان التي زار مناطقها الشمالية. وأطلقت القوات الروسية النار على القصر الرئاسي في غروزني موقعة عشرة قتلى، لكن الرئيس أصلان مسخادوف لم يكن في القصر. ولقي الأشخاص العشرة حتفهم في سوق غروزني الواقع على بعد حوالى خمسين متراً من القصر، وكان في السوق حوالى 200 شخص. وأكد نائب رئيس الوزراء نيكولاي كوشمان الذي عين ممثلاً للحكومة الروسية في الشيشان ان القوات الفيديرالية ترابط في مواقع تبعد 12 كيلومتراً عن غروزني. وذكر انها ستسيطر قريباً على الضواحي المتاخمة للعاصمة بعدما "حررت" غالبية المراكز المأهولة فيها. وعلى رغم تأكيد قائد قوات القوقاز فيكتور كازانتسيف ان وحداته لا تخوض معارك واسعة واعترافه ب"اشتباكات" فإن الانباء الواردة من مصادر غير رسمية تشير الى قتال ضار في مناطق مختلفة. وذكر المراسل الميداني لإذاعة "ليبرتي" الاميركية الناطقة بالروسية ان القوات الفيديرالية تحاول اقتحام بلدة سيرنوفودسك التي تبعد 30 كيلومتراً الى الغرب من غروزني وتعد من "مفاتيح" العاصمة الشيشانية. وتحاول موسكو التعتيم على خطتها التي وضعت في اجتماع عقده الرئيس بوريس يلتسن مع وزراء "القوة" أول من أمس، وذكرت صحيفة "سيفودنيا" انه شهد صراعاً عنيفاً بين "الصقور" المطالبين بالاستيلاء فوراً على غروزني و"الحمائم" المحذرة من الخسائر البشرية والاقتصادية والسياسية التي يمكن ان تترتب على مثل هذه الخطوة. وقدم المسؤولون تصريحات متناقضة في شأن نواياهم، فقد تندر وزير الدفاع المارشال ايغور سيرغييف حينما سئل عن احتمال اجتياح العاصمة الشيشانية وقال للصحافيين: "ما لكم تتشبثون بهذه الغروزني؟ ومن ترى سيقتحمها؟"، ولكنه أضاف ان الاقتحام سيجري "إذا استدعت الضرورة ... لإبادة الارهابيين". الا ان نائبه الجنرال فلاديمير توبوروف قال: "عاجلاً أم آجلاً سندخل غروزني"، وأوضح ان الهجوم لن يكون "صدامياً" بل ستنفذه مجموعات صغيرة. وأشار الى احتمال "تغييرات داخل غروزني" مؤكداً انقسام سكانها بين مؤيد للمقاومة ومعارض لها.ولوحظ التناقض أو محاولات "التمويه" الاعلامي اثناء زيارة رئيس الحكومة الى المناطق الشيشانية التي تسيطر عليها القوات الفيديرالية، اذ ذكر بوتين ان القوات "لن تتوقف وستنفذ المهمة حتى النهاية"، وتابع ان "لا خيار سوى إبادة الارهاب". الا انه من جهة اخرى، شدد على ان القضايا السياسية وتحديد الوضع القانوني للجمهورية الشيشانية سيعالجان بأساليب "ليست عسكرية". ورداً على سؤال عن احتمال التفاوض مع الرئيس الشيشاني قال بوتين ان اصلان مسخادوف "وضع نفسه في موقف صعب بتعيين ارهابيين نواباً له". وتابع ان مسخاوف لم ينتخب وفق القوانين الروسية ولذا فإنه "ليس شرعياً لدى روسيا"، لكنه لم يستبعد اتصالات معه. ويرجح المراقبون ان يكون الإبقاء على الجسر الأخير للحوار مع غروزني مجرد خطوة تكتيكية قام بها بوتين عشية حضوره اجتماع قمة "روسيا - الاتحاد الأوروبي" في هلسنكي اليوم الجمعة. وعلى رغم ان الموضوع المعلن للقمة هو "التعاون السياسي والاقتصادي" الا ان المحللين يجمعون على ان القوقاز سيكون في صدارة القضايا التي سيطرحها الأوروبيون. ويثير تزايد الإصابات بين المدنيين قلقاً واسعاً، ولفت الأنظار اعتراف الجنرال توبوروف للمرة الأولى امس أن الطيران الروسي لا يقتصر على ضرب أهداف محددة بل يقصف "مساحات" ما يعني ان القنابل يمكن ان تتساقط على منشآت مدنية. الى ذلك، تتفاقم مشكلة اللاجئين الشيشانيين الذين بلغ عددهم 177 ألفاً، واعربت وزارة الصحة عن مخاوفها من تفشي الأوبئة والأمراض المعدية بينهم.