حظي خطاب قائد الجيش الباكستاني برويز مشرف بترحيب داخلي واسع النطاق، فيما اعلن معاونوه أسماء 2500 من الأشخاص والشركات المتخلفة عن سداد الديون إلى البنك المركزي. وتم دهم منازل بعض السياسيين الكبار وصودرت منها ممتلكات عامة. وعكفت السلطات العسكرية على جمع أدلة على الفساد داخل المؤسسة الإعلامية والمكافآت التي اعطيت الى صحافيين لامعين خلال عهدي بينظير بوتو ونواز شريف. رحبت الأوساط السياسية والحزبية الباكستانية أمس بالخطاب الذي ألقاه الجنرال برويز مشرف، داعية اياه إلى ترجمة اقواله إلى أفعال من أجل أن يحسّ الشعب الباكستاني بالفروق بين الحكومة الحالية والحكومات السابقة. وابدت رئيسة حزب الشعب بينظير بوتو استعدادها للتعاون مع النظام العسكري شرط السماح لها بمواصلة الضغط من أجل إعادة الحياة الديموقراطية إلى البلاد. ووصف زعيم الجماعة الإسلامية القاضي حسين أحمد الخطاب بأنه تجسيد حقيقي لطموحات كل باكستاني. وحض العهد الجديد على التركيز على مسألة المحاسبة من أجل إعادة كل الأموال التي نهبت من البلاد من قبل السياسيين السابقين. وزادت الإرتياح الشعبي، مواصلة العسكر الحملة التي شنوها ضد الفساد، إذ طلبت القيادة العسكرية من مصلحة الضرائب الباكستانية أن تبذل ما في وسعها من أجل تحصيل عجز في موازنتها بلغ 208 بلايين روبية باكستانية أي ما يعادل أربعة بلايين دولار أميركي. ووضعت القيادة الجديدة أسماء 2500 من الأشخاص والشركات المتخلفة عن سداد الديون إلى البنك المركزي. وكان العسكر ألقوا بالعشرات من السياسيين في السجون، مشددين على أنه لن يُفرج عنهم ما لم يدفعوا الأموال المتوجبة عليهم من أرصدتهم التي جمّدت إلى جانب أرصدة زوجاتهم و أقاربهم. وكان الجنرال مشرف منح هؤلاء مهلة أربعة أسابيع للتسديد، تحت طائلة ملاحقتهم قانونياً. وشن العسكر أيضاً حملات دهم لمنازل بعض السياسيين الكبار مثل رئيس وزراء اقليم بيشاور مهتاب أحمد خان حيث عثر في منزله على أكثر من خمس و خمسين سيارة تمت مصادرتها مباشرة. وسحبت أمس القيادة العسكرية السيارات الرسمية من المسؤولين في الحكومة المعزولة. كما دهمت أمس وحدات عسكرية مقر شركة "باكتيل" للهواتف الجوّالة من أجل الحصول على حسابات الحيتان الكبيرة الذين كانوا يستخدمون هذه الهواتف. صحافيون الى ذلك، علمت "الحياة" أن السلطات العسكرية تجمع الأدلة والإثباتات بشأن الفساد داخل المؤسسة الإعلامية من خلال الأراضي التي منحت الى اصحاب الصحف والمجلات خلال عهدي بينظير بوتو ونواز شريف، إلى جانب مبالغ نقدية تم تقديمها من قبل الحكومتين لصحافيين معروفين من أجل أن يكتبوا لمصلحة الحكومة. وتُقدر المصادر هذه المبالغ بمئة مليون روبية باكستانية أي ما يعادل مليوني دولار أميركي. ويتردد أن الحكومة قدّمت الى اصحاب هذه الصحف سيارات فاخرة للإستخدام الشخصي. والتطور اللافت والخطير في هذا الصدد، التسجيلات التي ظهرت من وزارة الإعلام الباكستانية وبينت حجم المبالغ التي تم صرفها لصحافيين وإعلاميين من أجل الكتابة على حادثة كارغيل وتبرير سياسة نواز شريف والتقليل من شأن المؤسسة العسكرية. وكان مشرف استبق ذلك كله في خطابه حين ذكر أنه يؤمن بحرية الكلمة والتعبير والإعلام، واعداً بدراسة السماح لمحطات إذاعة وتلفزيون خاصة، كل هذا بنظر المراقبين من أجل تبرير الحملة التي سيشنها على الفساد في المؤسسة الإعلامية التي كانت تخدم الحكومات السابقة على حساب المصالح الوطنية. وذكرت بعض المصادر أن حكومة بيشاور استأجرت الرائد المتقاعد أمير وقدمت له خمسة ملايين روبية باكستانية من أجل أن يلعب دور السمسار في شراء ذمم الصحافيين المعروفين ليكتبوا لصالح شريف وحكومته. وأُفيد أن سبعين ألف روبية باكستانية أي ما يعادل 1500 دولار أميركي كانت تُدفع لأحد الصحافيين من الإذاعة والتلفزيون شهرياً وبأوامر من وزير الإعلام والثقافة مشاهد حسين الذي يتم استجوابه من قبل الأجهزة المعنية. ويرى المراقبون أن الكشف عن الفساد في المؤسسة الإعلامية الباكستانية سيُصيب الشارع الباكستاني بالغثيان خصوصا وأن ثمة أسماء لامعة يكنّ لها الشعب كل التقدير والإحترام ستتدحرج رؤوسها، ما قد يؤثر على أداء الإعلام الباكستاني.