لم يكن حفل تكريم الروائي والقاصّ إبراهيم أصلان احتفالاً أدبياً على غرار ما يحصل غالباً بل استحال الى مهرجان شعبي أحياه المثقفون والناس العاديون على السواء، الأدباء وهواة الأدب وأهل مدينة طنطا الذين رافقوا أصلان في أعماله الأدبية المتتالية. وكانت الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة حفلاً تكريمياً للروائي إبراهيم أصلان في مسقط رأسه، قرية شبشير الحصة في محافظة الغربية في وسط دلتا النيل في مصر. وخلال الحفلة التي نظمت بالتعاون مع قصر ثقافة مدينة طنطا عاصمة الاقليم تسلم أصلان درع محافظة الغربية، من مندوب المحافظ أحمد عبد الغفار، وجائزة التفوق من هيئة قصور الثقافة. وأصدرت الهيئة في المناسبة كتيباً تحت عنوان "شاعر القصة القصيرة الروائي إبراهيم أصلان" أعده مبارك مصطفى، وتضمن شهادات عن تجربة صاحب "مالك الحزين" الإبداعية، وكانت بدأت بصدور مجموعته القصصية الاولى "بحيرة المساء" في العام 1971. وتصدرت الكتيب شهادة نجيب محفوظ، الذي اعتبر قصص إبراهيم أصلان القصيرة "مثلاً جيداً للمدرسة التعبيرية المصرية الحديثة"، وان "مالك الحزين" متأثرة - وعلى رغم واقعيتها - بأسلوب أصلان الشخصي. وتوقع محفوظ أن يبلغ عطاء أصلان المتواصل المدى المأمول لموهبة فريدة مثل موهبته. وتركزت شهادة الناقدة فريدة النقاش حول رواية "وردية ليل" الصادرة في 1991، فوصفتها ب"الرواية القصيدة"، مشيرة الى أن انطباق هذا الوصف عليها يرجع الى ان ايقاعها الداخلي ينهض على التناغم الشامل بين اللغة السياقية واللغة الشعرية اللتين تتجاوران وتتداخلان على امتداد ذلك العمل صغير الحجم، كبير القيمة. وأضافت أن "وردة ليل" هي عمل مفعم بأغنى الدلالات وأعمقها "حتى كأنه يكاد يكون مستحيلاً تلخيصها، اوانتزاع شخصية واحدة من شخصياتها خارج بنيتها والحديث عنها منفردة". وتناولت شهادة عبدالرحمن أبو عوف "وردية ليل" ايضاً، باعتبارها نصاً روائياً تجريبياً يعكس ذروة اكتمال نهج إبراهيم أصلان الإبداعي في تشييد أسلوب بنائي تشكيلي، لتصبح فيه الكلمات والجمل والعبارات لوحات مرسومة باقتدار واتقان ورهافة مثقلة بغنائية شاعرية مكثفة ومركبة بالصور ذات الايقاع الموسيقي. اما الناقد إبراهيم فتحي فقد لاحظ أن إبراهيم أصلان "هو فنان طول الوقت يحاول أن يضع العالم في كلمات. وكلماته تكاد أن تكون أشياء وأشخاصاً. هو أستاذ الاقتصاد في اللغة، يقول في كلمة واحدة ما يقوله غيره في عشر كلمات". ووضع الدكتور سيد البحراوي، إبراهيم أصلان ضمن "أكثر كتاب القصة القصيرة المعاصرة انتماء الى القصة القصيرة، وحتى رواياته تنتمي الى احكام هذه القصة وكثافتها وتوترها، إذ أن العالم لديه ليس مناسبة للرد او الحكي، وانما فرصة للإلتقاط: إلتقاط الزوايا الحادة المكثفة والمشحونة بالدلالات. ومن خلف هذه الزوايا يكمن بناء للعالم، ليس من الضروري أن يكون هو البناء المألوف الذي نعرفه، ولكنه بناء حقيقي وموجود موضوعياً وواقعياً". اما سعيد الكفراوي، فأعلن ان خلاصة رحلة المعرفة والمحبة، التي بدأت في 1968 تتمثل في أن "إبراهيم أصلان الكاتب والصديق هو من هؤلاء الكتاب الذين يعيدون الى القلب كبرياءه، والى الروح، محبة الحياة". وتضمن الكتيب كذلك عناوين أهم الدراسات التي تناولت اعمال إبراهيم أصلان ، ومنها دراسات لغالي شكري وفيصل دراج وعبدالقادر القط وصبري حافظ وسمير اليوسف ومحمود أمين العالم وإبراهيم المقداد وفاروق عبدالقادر. وكان صدر اخيراً عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر كتاب للباحث المغربي عبدالفتاح الحجمري عنوانه "تخيل الحكاية"، يتضمن بحثاً في الأنساق الخطابية لرواية "مالك الحزين". ولاحظ الحجمري أن صاحب "عصافير النيل" دار الآداب - 1999 يحرص على تقديم تصور خاص للكتابة الروائية من الموقع الذي يحتله المكون اللغوي في علائقه بأشكال السرد ومنظوراته الحكائية. تضامناً مع سعيد ونظمت "الورشة الابداعية" في مقر فرع حزب التجمع المصري في شرق القاهرة ندوة عن المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد تضامناً معه في مواجهة الحملة الصهيونية التي استهدفته اخيراً ساعية الى محو تأثيره، وهزّ الثقة فيه، وقدّمها فتحي ابو العينين. وقدم الكاتب الفلسطيني عبدالقادر ياسين في مداخلته "بطاقة شخصية" عن ادوارد سعيد اشار فيها الى مولده في القدس الغربية في 1/11/1935 وانتقاله مع عائلته الى مصر اثر صدور قرار تقسيم فلسطين 29/11/1947 ثم الى الولاياتالمتحدة الاميركية 1951، حيث أكمل دراسته، الى ان حصل عام 1964 على الدكتوراه من جامعة هارفارد، وشغل كرسي الادب الانكليزي والادب المقارن، في جامعة كولومبيا في نيويورك. واضاف ياسين ان سعيد هو خير من فهم البنيوية وخير من عارضها في الوقت نفسه، حسب استاذ الادب الانكليزي جون بيلي. واوضح ياسين ان الادب المقارن مكّن سعيد من التعامل مع أمور اخرى تهمه، مثل مسألة المفكر، والعلاقة بين الثقافة والامبريالية، والادب العالمي، والتأثير المتبادل بين التاريخ، والمجتمع والادب، فضلا عن المجتمع في الادب، ودرجة امتزاج الاخير بغيره من الظواهر، من هنا تعددت المجالات التي كتب فيها سعيد، وأبدع. وألقى ياسين الضوء على تعرض سعيد المستمر والمتقطع، للهجمات الصهيونية، باللفظ إذ وصفوه ب"استاذ الارهاب"، وباليد رذ اقتحم الصهاينة مكتبه ومنزله. وعن "مفهوم المثقف عند ادوارد سعيد" تحدثت الدكتورة امينة رشيد، مشيرة الى تأثر سعيد بالمفكر اليساري الايطالي انطونيو غرامشي والمفكر الليبرالي الفرنسي جوليان بندا. واوضحت ان سعيد على رغم ذلك يرفض التعريف الواسع للمثقف عند غرامشي، كما يرفض تاريخية موقف بندا. واضافت ان سعيد يرى ضرورة ان يتجاوز المثقف حدوده، وهو مع المثقف الذي يقف مع المعذبين في الارض ومع المهمشين. فالمثقف عنده صاحب توقيع وصوت في المجتمع وله قضايا مهمة يدافع عنها. أما "المواقف السياسية لادوارد سعيد" فقد ألقى الباحث المصري المتخصص في الشؤون الفلسطينية احمد بهاءالدين شعبان ضوءاً عليها مكتفياً بكتاب سعيد "غزة - اريحا اولاًَ سلام اميركي"، وفيه جمع المقالات المبكرة التي كتبها ما بين سنتي 1991 و1993 اي ما بين "مؤتمر مدريد" و"اتفاق اوسلو". ويرى شعبان في هذا الكتاب تطبيقاً لما نوهت عنه الدكتورة رشيد. واشار الى ان سعيد ليس راديكاليا: فهو يدعو الى دولتين لشعبين ويرى شرط السلام في الندية عند أي اتفاق. ثم تصدى الشاعر المصري شعبان يوسف لمهمة رصد "اصداء الاستشراق" الكتاب الذي اصدره إدوارد سعيد سنة 1978 واثار جدلاً محتدماً، مدحاً وقدحاً. وفي ختام الندوة وقع الحضور مذكرة احتجاج ضد ملاحقة الفنان اللبناني مارسيل خليفة.