لا تزال المملكة العربية السعودية تنفق نحو بليوني دولار سنوياً للابقاء على طاقة انتاجها من النفط بهدف المحافظة على استقرار السوق على رغم الارتفاع الحاد في طاقتها غير المستغلة بسبب الخفض المتواصل في الانتاج. وقال خبير نفطي في لندن ان طاقة الانتاج الفائضة في السعودية، اكبر قوة نفطية في العالم، استمرت في الارتفاع في الفترة الاخيرة بسبب الخفوضات بموجب اتفاق "اوبك" لتصل الى نحو 3.2 مليون برميل يومياً. وقدر السيد محمد زيني الخبير في مركز دراسات الطاقة العالمية اجمالي طاقة المملكة القابلة للاستمرار بنحو 10.7 مليون برميل يومياً في نهاية الربع الاخير من السنة الجارية مقابل مستوى انتاج يبلغ 7.5 مليون برميل يومياً. واوضح ل "الحياة" ان كلفة صيانة برميل نفط واحد في السعودية تراوح بين 150 و200 دولار سنوياً وهي من ادنى المستويات في العالم. وقال: "هذا يعني ان المملكة بحاجة الى استثمار ما بين 1.5 بليون وبليوني دولار سنوياً للمحافظة على اجمالي طاقتها الانتاجية". واضاف: "من الواضح ان المملكة تنفق مثل هذه المبالغ بانتظام لان طاقتها الانتاجية لا تزال في المستوى نفسه ولم تتراجع على رغم انخفاض الانتاج الفعلي في الفترة الاخيرة ما رفع الطاقة الفائضة بشكل كبير... ومن الطبيعي ان يكون هدف المملكة هو ضمان الاستقرار في سوق النفط لان هناك توقعات بارتفاع الطلب الدولي في الفترة المقبلة ما يبرر زيادة الانتاج". وقدر السيد زيني كلفة رفع الطاقة الانتاجية في السعودية بنحو خمسة الاف دولار للبرميل اي انها بحاجة لانفاق ما يقارب من 25 بليون دولار لزيادة طاقتها الى 15 مليون برميل يومياً وهو هدف تسعى اليه المملكة في الامد المتوسط. وقال محللون نفطيون اخرون ان السعودية وعمالقة النفط الاخرين في المنطقة الكويت والامارات العربية المتحدة والعراق وايران ستنتج اكثر من نصف احتياجات الخام في العالم في السنة 2020 نتيجة الانخفاض المتوقع في طاقات انتاج الدول الاخرى وارتفاع كلفة الانتاج والتطوير والصيانة في بعض المناطق. وتنتج هذه الدول حالياً نحو 18 مليون برميل يومياً اي ما يقارب ربع اجمالي امدادات النفط الدولية في حين تسيطر على اكثر من 60 في المئة من احتياط الخام المثبت في العالم البالغ نحو ترليون برميل. وافاد المحللون بان طاقة انتاج السعودية من النفط الخام تقل بشكل كبير عن مستواها خلال الفورة النفطية في بداية الثمانينات عندما بلغت اكثر من 12 مليون برميل يومياً درت عليها ما يزيد على 100 بليون دولار سنويا. وعزوا هذا التآكل في الطاقة الى نقص الاستثمارات في آبار النفط نتيجة تراجع الاسعار وارتفاع انتاج دول اخرى من خارج منطقة الخليج. واثر انخفاض انتاج المملكة بشكل كبير على حصتها في السوق التي تراجعت الى نحو 10 في المئة السنة الجارية مقابل 11.5 في المئة مطلع العام الماضي واكثر من 20 في المئة بداية الثمانينات. وكانت السعودية التي تسيطر وحدها على اكثر من ربع احتياط النفط الدولي تحملت العبء الاكبر في الخفوضات التي قررتها "منظمة الدول المصدرة للنفط" اوبك اذ وافقت على تقليص انتاجها بنحو 1.3 مليون برميل يوميا منذ العام الماضي لانقاذ الاسعار بعدما هوت الى ما دون عشرة دولارات للبرميل.