ارسلت دمشق في الايام الاخيرة ثلاث رسائل مترابطة تتعلق بالموقف التفاوضي السوري مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، خلاصتها انها "مستعدة للسلام" لكنها "ليست مهرولة له" ولاتزال تملك "خيارات عدة أخرى". زمنياً، جاءت اولى تلك الرسائل باعلان "الوكالة السورية للانباء" سانا ان الرئيس السابق للمكتب السياسي ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس الدكتور موسى ابو مرزوق زار وزير الخارجية السيد فاروق الشرع في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت. وكان تلك المرة الاولى التي يعلن فيها الجانب السوري رسمياً حصول لقاء بين رئيس الديبلوماسية ومسؤول في "حماس". السبب المباشر للقاء هو واجب اخلاقي واجتماعي اداه ابو مرزوق تجاه السيد الشرع، لكن لايمكن فصل ذلك عن سياق ماجرى في الاسابيع الاخيرة تفاوضياً لجهة تشدد "رجل السلام" الاسرائيلي في كيفية العودة الى طاولة المفاوضات المجمدة منذ بداية 1996، وتسهيل بناء المستوطنات في الجولان السوري المحتل والتلويح بالانسحاب الانفرادي من جنوبلبنان في تموز ىوليو المقبل. استطراداً، ان الجانب السوري استقبل فوز باراك في الانتخابات الاسرائىلية الاخيرة بحملة "ديبلوماسية علنية" و"علاقات عامة" استهدفت شد انتباه الحكومة الاسرائىلية الى المسار السوري وابداء "الاستعداد القوي لتحقيق السلام" مع حزب العمل وباراك، انعكست في التلويح بالاستعداد للطلب من المعارضة الفلسطينية التركيز على العمل السياسي. لكن سرعان مااكتشف المسؤولون السوريون ان باراك فهم "الاستعداد للسلام" ضعفاً، فركز على تنفيذ اتفاق "واي ريفر" وحاول فرض شروط على العودة الى طاولة المفاوضات تتلخص في عدم التزام "وديعة" رئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين للانسحاب من الجولان الى ماوراء خط 4 حزيران يونيو1967. عليه، عادت دمشق الى ارسال اشارات الى انها لم تفقد "المبادرة بعد" وان "اوراقا تفاوضية" لاتزال موجودة. وفي هذا السياق جاء انعقاد اجتماع "تحالف القوى الفلسطينية" وظهور ابو مررزوق في دمشق، ولاحقاً اعلان لقائه والشرع. وجاءت الرسالة السورية الثانية من البوابة الشرقية، اذ زار مساعد وزير الخارجية العراقي السفير نبيل نجم دمشق في اليومين الاخيرين وتفقد مبنى سفارة بلاده المغلقة منذ العام 1980. وجرى الحديث مجدداً عن فتح مكتبين لرعاية المصالح في دمشق وبغداد. اي ان دمشق، ارادت التذكير بوجود ورقة العلاقة السورية-العراقية التي جمدت في الاشهر الاخيرة بعد فوز باراك، عبر تراجع مستوى التقارب وتحرك المعارضة العراقية التي تتخذ من دمشق مقراً لها. اما الرسالة التفاوضية الثالثة فجاءت سورية-لبنانية عبر عقد اجتماع "هيئة المتابعة والتنسيق المشتركة" برئاسة رئيسي الوزراء، واعلان الجانبين نص محضر الاجتماع الذي تضمن التذكير بكل الاتفاقات الموقعة سابقاً في الامن والاقتصاد والثقافة والعلوم، واعادة ذكرها في محضر رسمي موقع من المهندس محمود الزعبي والدكتور سليم الحص اللذين اكدا "وحدة المصير والمسار سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً" وان "السلام خيار استراتيجي"... اي ان البلدين مستعدان سويةً لمواجهة احتمال قيام باراك الانسحاب من جانب واحد من جنوبلبنان في الاشهر المقبلة.