الكتاب: ترجمات القرآن الكريم الى لغات الشعوب والجماعات الاسلامية. الناشر: جامعة آل البيت - الأردن 1999. على رغم الاهتمام الكبير الذي حُظي به القرآن الكريم في النصف الثاني للقرن العشرين من قبل العرب وغير العرب لترجمة معانيه الى مختلف اللغات، الا انه كان لا بد من الانتظار حتى العام 1998 لتنعقد أول ندوة دولية في المنطقة ولتصدر أعمال هذه الندوة في كتاب ضخم 510 صفحات من الحجم الكبير حتى يمكن التعرف على جوانب عدة بعضها نوقش في السابق وبعضها يناقش للمرة الأولى. وتجدر الإشارة هنا الى ان أعمال الندوة أبحاث الكتاب قاربت الثلاثين وغطت الترجمات في أهم اللغات الانكليزية والفرنسية والالمانية والبرتغالية والتركية والبوسنوية والألبانية والفارسية والبلغارية والأوردية والروسية. وأول ما يلاحظ في هذا الكتاب تمييزه للشهادات التي قدّمها أصحابها عن تجربتهم في ترجمة معاني القرآن الكريم سواء للمرة الأولى في بعض اللغات أو للمرة الأخيرة في لغات ذات تقاليد في الترجمة. د. محمود غالي والشيخ عزالدين الحايك الذي توفي منذ أيام بعد صدور الكتاب، ود. عادل خوري والاستاذ عبدالحليم خفاجي والاستاذ عبدالله فرانك بوبنهايم والاستاذ سمير الحايك ود. نديم غندجيف والاستاذ نظام الدين عبدالحميد ود. فتحي مهدي. وفي الواقع ان هذا المحور الذي تضمن الشهادات كشف عن أمرين مهمين: الأول، عدم وجود نوع من التنسيق أو التواصل بين المترجمين العاملين في المجال اللغوي - الثقافي الواحد. وهكذا فقد تبين مع أعمال الندوة أبحاث الكتاب وجود أو صدور أربع ترجمات جديدة لمعاني القرآن الكريم باللغة الانكليزية في وقت واحد تقريباً من دون ان يعرف أي مترجم بما يقوم به الآخرون ترجمة رشيد كساب 1994 وترجمة د. محمود غالي 1995 وترجمة الشيخ عزالدين الحايك 1996 وترجمة مؤسسة صحيح السعودية 1997. وأما الأمر الثاني فهو ان أية ترجمة لا تلغي الأخرى، وان كل ترجمة فيها من المزايا التي تحمد لها، وان وجود كل هذه الترجمات في اللغة الواحدة لا يمنع صدور ترجمة جديدة أخرى! وتضمن المحور الثاني "مقاربات تاريخية ودراسات نقدية ومقارنة للترجمات" عشرة أبحاث تناولت بالنقد والتحليل ترجمات معاني القرآن الكريم في أهم اللغات الانكليزية والفرنسية والالمانية والروسية الخ. بينما تناول المحور الثالث "بعض العقبات التي تواجه ترجمة معاني القرآن الكريم" سبعة أبحاث نماذج لحالات محددة في لغات بعينها التركية والفارسية والألبانية الخ. وبشكل عام يمكن التوقف هنا عند بعض القضايا التي طرحت بشكل مباشر أو تداخلت في ثنايا الأبحاث الواردة في هذا الكتاب: 1- تضمن الكتاب أبحاثاً لعرب وغير العرب، لمسلمين وغير مسلمين، وهذا ما أثار احدى أهم القضايا: هل ترجمة معاني القرآن الكريم حكر على المسلمين فقط؟ وهل يمكن الحديث عن ترجمة مسلمة وترجمة غير مسلمة؟ وهل الترجمة المسلمة تكتسب ميزة ترتبط بشخصية المترجم فقط؟ وعلى رغم تنوع الآراء والمواقف حول هذه القضية الا ان التوجه العام توصل الى أن أية ترجمة جيدة لا تلغي الأخرى، وان كل ترجمة جيدة تضيف شيئاً وتفيد الترجمات القادمة على الطريق. 2- من القضايا التي اثيرت استخدام مصطلح "ترجمة القرآن"، اذ ان بعض الباحثين/ المترجمين كان يفضل مصطلح "تفسير" بينما كان البعض الآخر يصر على مصطلح "ترجمة معاني القرآن"، كما ان بعض المشاركين يرى ان الزمن تجاوز موضوع جواز أو عدم جواز الترجمة، بل ان الأمر الآن يقتصر على نوعية الترجمة وجودتها. 3- من الامور التي تلفت النظر ان الترجمات الجديدة في بعض اللغات ذات التقاليد الراسخة في الترجمة كالروسية تمثل تراجعاً نحو الوراء، كما في الترجمة الروسية الأخيرة ترجمة ف. بوروخوفا التي يعتبرها د. عماد الدين حاتم في بحثه المميز انها تمثل "انهيار المعايير الاكاديمية الصارمة، والاستعاضة عنها بمهارات اخرى ذات طبيعة مختلفة تتصدرها الشطارة والفهلوة ومعرفة اهتبال الفرص، وتحكمها البراغماتية الجديدة التي سخرت كل شيء حتى المقدسات الروحية لمنطق العوائد المادية وحصاد الأرباح" ص102