حاول المجتهدون منذ زمن بعيد الوقوف على سبب تسمية هذا الشهر العظيم باسم رمضان، وقدموا تفسيرات متنوعة لهذه التسمية ظلت في حدود الاعتقاد ولم تصل الى حدود التأكيد. يتميز شهر رمضان بما يجعله خير الشهور كلها، فقبل الاسلام نزلت صحف سيدنا ابراهيم في أول ليلة من شهر رمضان، ونزلت التوراة على سيدنا موسى في هذا الشهر أيضاً، كما أوحى الله سبحانه وتعالى الى سيدنا عيسى بالانجيل في الثالث عشر من شهر رمضان، ونزل القرآن الكريم على سيدنا محمد خاتم النبيين في ليلة القدر من شهر رمضان. وفي شهر رمضان نصرالله الاسلام وأعز المسلمين بانتصارات رائعة وفتوحات باهرة. ففي هذا الشهر وقعت غزوة بدر التي كانت البشير بقيام دولة الاسلام الكبرى. وفي شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة تم النصر للمسلمين بفتح مكة التي دخلها الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أحنى رأسه الشريف سجوداً وإجلالاً لله، دخل على ناقته دخول الدعاة المصلحين لا دخول الغزاة الفاتحين، فأعلن عفوه الشامل عن كل من أساء اليه أو الى المسلمين اذ قال: "يا معشر قريش، ماذا تقولون؟ وماذا تظنون اني فاعل بكم؟". قالوا: "... خيراً... اخ كريم وابن اخ كريم". فرض الصيام على كل مسلم ومسلمة بشرط ان يكون قد وصل سن البلوغ وبشرط عدم المرض وسلامة العقل وان يكون مقيماً غير مرتحل، وان تكون المرأة طاهرة من حيضها أو من النفاس. وإذا كان الله عز وجل اجاز للمسلم الإفطار في شهر رمضان في الظروف المذكورة، إلا أنه أوجب عليه ان يصوم بدلاً من أيام افطاره بعد انتهاء الظروف التي منعته من الصوم وبعد شهر رمضان في أي وقت أراد، ويستحب ان يكون ذلك في أقرب فرصة ممكنة. ولم يحدد القرآن الكريم حالات المرض التي يباح الافطار بسببها بسبب اختلاف قدرات الأجساد، لذلك ترك الاسلام للانسان تقدير شدة مرضه وما قد يصيبه من ضرر لو صام. وهناك عبادات اختص بها شهر رمضان ولا يؤديها الانسان في غيره ألا وهي صلاة القيام أي صلاة التراويح التي تصلى بجماعة في المسجد أو فرادى في المنزل، وتسمى بالتراويح لأن بين كل تسليمتين جلسة يستريح المصلي بذكر الله تعالى فيها، وهي بعد صلاة العشاء ويقرأ الانسان فيها ما تيسر من القرآن الكريم. وعند غروب شمس اليوم الأخير من شهر رمضان، وجب اخراج زكاة الفطر التي تجب على المسلم الحر المالك لقدر الزكاة بعد قوته وقوت من يعول ليوم وليلة. ويخرجها الانسان عن نفسه وعن كل من يقوم بالانفاق عليه. وكانت الزكاة تخرج قمحاً أو تمراً، إلا أنه في وقتنا الحاضر قد يكون اخراجها نقداً أكثر نفعاً إذ يتمكن الفقير من تدبير ما هو في حاجة اليه. واخراجها يجب أن يتم قبل صلاة العيد، ويجوز تقديمها عن ذلك حتى الى أول شهر رمضان فهذا أيسر للفقير أن يشتري ما هو في حاجة اليه.