أقصت لجنة مراقبة اجراء الانتخابات المحلية المنبثقة من البرلمان معظم المرشحين الموالين للرئيس سيد محمد خاتمي في العاصمة طهران، كبرى الدوائر الانتخابية وأهمها في البلاد. ورأت اللجنة ان هؤلاء يفتقدون مواصفات "الاعتقاد والالتزام العملي بالاسلام وبولاية الفقيه المطلقة"، وهو السبب ذاته تقريباً الذي اعتمده "مجلس امناء الدستور" في الاستحقاقات الانتخابية السابقة لإبعاد المرشحين مبكراً عن المنافسة. وأثار قرار اللجنة البرلمانية ردود افعال انتقادية وعنيفة، وهدد وزير الداخلية حجة الاسلام عبدالواحد موسوي لاري بأن الوزارة "لن تعبأ بهذه القرارات اللامنطقية ولن تعمل بها". وحذرت الاوساط القريبة من مكتب مرشد الجمهورية الاسلامية من عودة اجواء التوتر السياسي في المجتمع. لكن المحافظين دافعوا عن القرار واعتبروه قانونياً. وتجرى الانتخابات المحلية والبلدية الشهر المقبل ويتنافس نحو اربعمئة الف مرشح على مئتي الف مقعد. وستكون هذه الانتخابات سابقة في تاريخ ايران والجمهورية الاسلامية، اذ انها ستنقل النظام السياسي من المركزية الى اللامركزية رغم ان المرحلة الأولى لهذه التجربة العملية ستركز بصورة اساسية على المجالس البلدية التي ستنتخب بدورها رؤساء البلديات بدل تعيينهم كما درجت العادة. وتكتسب الانتخابات المحلية أهمية سياسية بالغة خصوصاً ان شرائح النظام والمجتمع السياسية والثقافية والاجتماعية المختلفة حريصة على الفوز، وبالتالي على ضمان دور فاعل وحقيقي على الارض في صناعة واتخاذ القرار وتحديد وتنفيذ السياسات المحلية، بما سينعكس ايجاباً او سلباً على توازن القوى في اعلى هرم النظام وداخل مؤسسات الدولة. وينص القانون الانتخابي على ان الحكومة هي المسؤولة عن اجراء الانتخابات عبر وزارة الداخلية، وعلى ان البرلمان يراقب مدى قانونية عمل الوزارة واللجان الانتخابية عبر لجنة مراقبة. ويرأس لجنة المراقبة المنبثقة من البرلمان النائب المحافظ المعروف حجة الاسلام موحدي ساوجي، ومعظم اعضاء اللجنة يوالون اليمين المحافظ. وفي قرار مفاجئ وغير متوقع، ابعدت لجنة المراقبة في طهران خمسين مرشحاً يحسبون على خاتمي او التيار الاصلاحي عموماً، ومن ابرزهم وزير الداخلية السابق حجة الاسلام عبدالله نوري ومستشار خاتمي والعضو القيادي البارز في حزب "جبهة المشاركة" الذي شغل لفترة منصب مساعد وزير الأمن ثم نائباً لمدير مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية الدكتور سعيد حجاريان، ومستشارة خاتمي لشؤون الاعلام ورئيسة جمعية النساء الصحافيات السيدة جميلة كديور، ونائب الأمين العام لمنظمة مجاهدي الثورة الاسلامية السيد محمد سلامتي، والنائب السابق ابراهيم اصغر زادة وابنة الراحل آية الله طالقاني رئيسة الجمعية الاسلامية للنساء في ايران السيدة اعظم طالقاني، ونائب وزير الداخلية السابق للشؤون السياسية رئيس تحرير الصحيفة الاكثر توزيعاً في ايران حالياً "همشهري" المواطن السيد محمد عطريانفر وغيرهم. وصعّدت الاوساط السياسية والدينية الموالية للحكومة حملتها على المحافظين امس، فاتهمتهم بتسخير لجان المراقبة لتصفية حسابات سياسية في الانتخابات. لكن الوجوه المحافظة رفضت هذه الاتهامات، ودافعت صحيفة "رسالت" عن قرارات لجنة المراقبة، وقال نائب رئيس اللجنة النائب المحافظ المعروف رسولي نجاد ان "وزير الداخلية يجهل القانون الانتخابي"، وأكد ان للجنة صلاحية ابعاد اي مرشح "لا يؤمن ولا يلتزم عملياً بالاسلام وبولاية الفقيه المطلقة". وحذرت صحيفة "كيهان" المسائية التابعة لمكتب مرشد الجمهورية الاسلامية امس من خطورة تعقيد الموقف وإعادة اجواء التوتر السياسي بين اجنحة النظام، ولمحت الى ان قرار لجنة المراقبة "لم يكن متوقعاً"، وناشدت الطرفين تسوية الخلاف.