تواجه اقتصادات دول الخليج العربية ضغوطاً اكبر في الفترة المقبلة بسبب توقع بقاء اسعار النفط منخفضة وارتفاع الانفاق الدفاعي الذي يستنزف اكثر من ربع موازناتها السنوية. وقالت دوائر اقتصادية ان معدلات النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي ستعاني من تباطؤ شديد في السنوات القليلة المقبلة ما لم يتم خفض النفقات العسكرية والنفقات غير الضرورية وتحويل جزء منها الى مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال الاقتصادي جاسم السعدون في اتصال مع "الحياة" ان "هناك تضخماً كبيراً في الانفاق الحكومي خارج القطاعات الانتاجية خصوصا الانفاق الدفاعي". واضاف: "هناك ضرورة الان لتقليص هذا الانفاق والا ستتراكم الضغوط المالية والاقتصادية عليها وسيستمر العجز في الموازنة وتنخفض معدلات النمو بشكل كبير لان من الخطأ ان تبقى دول الخليج تعول على تحسن اسواق النفط". وحسب احصاءات عربية رسمية ومصادر عسكرية انفقت دول مجلس التعاون بين 25 و 30 في المئة من اجمالي موازناتها السنوية بين عامي 1991 و1998 على القطاع العسكري والامني بما فيه رواتب الجنود والشرطة ومشتريات السلاح والانشاءات العسكرية. واشارت الاحصاءات الى ان اجمالي الانفاق العام بلغ نحو 700 بليون دولار اي ان النفقات العسكرية بعد غزو الكويت بلغت حدود 200 بليون دولار. وقدرت مصادر عسكرية في منطقة الخليج الانفاق على شراء الاسلحة الجديدة بنحو 10 في المئة من اجمالي النفقات العسكرية وهو من اعلى المعدلات في العالم مقارنة مع اجمالي الناتج المحلي. واضطرت دول المجلس، التي تسيطر على نحو 45 في المئة من اجمالي احتياط النفط في العالم، الى تكثيف برامج التسلح بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990 وتضمنت حملات تجنيد وشراء مقاتلات ومعدات عسكرية متطورة. وقال الاقتصادي هنري عزام: "بالفعل هناك ارتفاع كبير في الانفاق العسكري ما يشكل ضغطاً رئيسياً على معدل النمو...واعتقد ان هناك ضرورة لترشيد هذا الانفاق ضمن سياسات الاصلاح الاقتصادي التي تنفذها، او تعتزم تنفيذها، دول الخليج لخفض تأثرها بتقلبات اسعار النفط". ولا يزال الانفاق الحكومي في دول المجلس هو المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي نظراً لصغر دور القطاع الخاص ما يجعل معدلات النمو عرضة لاية تغيرات في ايرادات النفط التي تشكل اكثر من 80 في المئة من اجمالي الدخل القومي. واتضح ذلك في الاعوام الماضية اذ قفز اجمالي الناتج المحلي في دول المجلس باكثر من سبعة في المئة عامي 1996 و1997 بسبب ارتفاع اسعار النفط في حين تدهور الى اقل من اثنين في المئة وسجل نمواً سالباً في بعض الدول الاعضاء العام الماضي نتيجة الانخفاض الحاد لاسعار النفط. وحسب "مركز دراسات الطاقة الدولي" في لندن لن يتجاوز متوسط اسعار النفط 14 دولاراً للبرميل في السنوات القليلة المقبلة ما يعني ان دخل دول المجلس لن يزيد على 70 بليون دولار سنوياً في مقابل نحو 90 بليون دولار عام 1997 واكثر من 180 بليون دولار عام 1980. واعتبر خبراء ان ما يخفف من تأثير الانفاق العسكري هي برامج المبادلة الاوفست التي طبقتها بعض دول المجلس بهدف اجتذاب الاستثمار الاجنبي. واشاروا الى ان المملكة العربية السعودية والامارات وحدهما استقطبت اكثر من 10 بلايين دولار ضمن برامج المبادلة التي تشترط على مصدري السلاح استثمار جزء من قيمة اي صفقة في مشاريع انتاجية.