توقعت دوائر عسكرية واقتصادية خليجية ارتفاع الانفاق الحكومي في الإمارات في السنوات المقبلة بسبب ضخامة المشتريات الدفاعية، لكنها رجحت أن لا يؤثر ذلك على وضعها المالي نظراً لامتلاكها استثمارات خارجية تزيد على 100 بليون دولار. وقدرت المصادر اجمالي الانفاق على مشتريات الأسلحة للإمارات في الفترة بين 1993 و2010 بأكثر من 15 بليون دولار تشمل شراء دبابات قتالية فرنسية و30 طائرة مقاتلة من طراز "ميراج" الفرنسية الصنع ونحو 80 طائرة من طراز "اف - 16" الأميركية. وتبلغ صفقة الدبابات من طراز "لوكليرك" التي وقعتها حكومة الإمارات عام 1993 نحو 9،3 بليون دولار وتم تسليم أكثر من 200 دبابة حتى الآن من أصل 436 دبابة، تم التعاقد عليها مع شركة "جيات" الفرنسية. وتقدر صفقة "الميراج 9-2000" التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى أبو ظبي في كانون الأول ديسمبر الماضي، بنحو 4،3 بليون دولار، فيما بلغت تكلفة المقاتلات الأميركية أكثر من سبعة بلايين دولار. وقالت مصادر دفاعية إن إمارة أبو ظبي، وهي المنتج الرئيسي للنفط في الإمارات، التزمت دفع تلك المبالغ، وإن جزءاً كبيراً منها تم تخصيصه بالفعل لتمويل الصفقات الثلاث وصفقات دفاعية أصغر منها. وأعربت دوائر مالية واقتصادية عن اعتقادها بأن هذه الدفعات يتم اقتطاعها من ايرادات النفط سنوياً وعوائد الاستثمارات الحكومية في الخارج والبالغة أكثر من 100 بليون دولار. وقال اقتصادي خليجي: "لا أعتقد ان هذه الدفعات تشكل مشكلة كبيرة لموازنة الإمارات على رغم أنها تزيد من اجمالي النفقات، لأن أية زيادة ستتم تغطيتها من عائدات الاستثمارات". وأضاف: "اعتقد أن هناك عائدات كافية لتمويل أي عجز ينشأ من ارتفاع الانفاق، إذ اتضح ذلك في السنوات الماضية عندما تم تمويل العجز في الموازنة من دون اللجوء إلى الاقتراض". وحسب مصادر مصرفية، فإن استثمارات أبو ظبي تتركز في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وسويسرا والمانيا وفرنسا وايطاليا، في ودائع مصرفية وسندات حكومية وعقارات، إضافة إلى الاستثمارات النفطية في النمسا واسبانيا وباكستان. وقدرت المصادر عائدات تلك الاستثمارات بما يتراوح بين سبعة بلايين وعشرة بلايين دولار سنوياً، أي أكثر من نصف الايرادات النفطية الصافية. وشهدت هذه الاستثمارات نمواً مضطرداً في الأعوام الماضية بسبب ارتفاع انتاج الإمارات من النفط على عكس الكويت التي اضطرت إلى سحب أكثر من نصف احتياطها الخارجي خلال أزمة الخليج والسعودية التي استنزفت معظم موجوداتها الخارجية بسبب تفاقم العجز المالي وتزايد الحاجات التنموية الداخلية والمساهمة في نفقات تحرير الكويت. ويبدو ان الإمارات لم تضطر حتى الآن إلى السحب من استثماراتها الخارجية التي يديرها جهاز أبو ظبي للاستثمار، لكنها استخدمت عائدات تلك الاستثمارات لتغطية العجز في الموازنة تحاشياً للجوء إلى الاقتراض الداخلي بعد ارتفاع الانفاق في شكل كبير في الآونة الأخيرة. وأشارت احصائية للمصرف المركزي في الإمارات إلى أن الانفاق وصل ذروته عام 1996، إذ بلغ 5،71 بليون درهم 4،19 بليون دولار، فيما بلغت الايرادات نحو 8،53 بليون درهم 6،14 بليون دولار، مسبباً عجزاً قدره 8،4 بليون دولار. وأرجعت مصادر مالية الزيادة في الانفاق إلى ارتفاع قيمة المشتريات الدفاعية وانفاق نحو سبعة بلايين درهم 9،1 بليون دولار دفعتها حكومة أبو ظبي لتعويض المودعين في "بنك الاعتماد والتجارة الدولي" سابقاً الذي كانت الإمارات تملك أغلبيته والذي اغلق عام 1991. وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس أركان القوات المسلحة في الإمارات ومسؤول مشتريات السلاح أكد ان صفقة المقاتلات الأميركية وغيرها من التوريدات العسكرية لن تؤثر على المركز المالي لبلاده، مشيراً إلى أن الإمارات ستواصل خطة تدعيم قدراتها الدفاعية. وأدت مشتريات السلاح والمخصصات العسكرية الأخرى في الإمارات عقب أزمة الخليج، إلى ارتفاع نسبة الانفاق والأمني إلى أكثر من 25 في المئة من اجمالي الانفاق، ما يعتبر من أعلى المعدلات في العالم. وعلى رغم ارتفاع المخصصات الدفاعية، واصلت الحكومة ضخ استثمارات بمعدلات معقولة في قطاع الخدمات ومشاريع التنمية على رغم تذبذب ايراداتها النفطية. كما ان قرار الإمارات تطبيق نظام الصفقات المتبادلة الاوفست على مشتريات السلاح بدأ يؤتي ثماره، إذ تجاوز الاستثمار الأجنبي بموجب البرنامج بليون درهم 272 مليون دولار، وهو مرشح للارتفاع في السنوات المقبلة نظراً لضخامة الصفقات العسكرية التي أبرمت أخيراً. وكشفت مصادر مالية أن الانفاق العام في الإمارات تجاوز 18 بليون دولار العام الماضي، ويتوقع ان يبقى مرتفعاً هذه السنة على رغم انخفاض أسعار النفط بأكثر من ستة دولارات للبرميل. وقدرت المصادر الايرادات النفطية للإمارات عام 1997 بنحو 5،14 بليون درهم، يتوقع لها ان تنخفض إلى ما دون 11 بليون دولار في السنة الجارية، ما يستدعي زيادة السحب من فوائد الاستثمارات الخارجية لمنع تفاقم العجز. ويشار إلى أن هناك موازنتين سنويتين للإمارات وهي الموازنة الاتحادية والحساب الموحد الذي يشمل الاتحادية وموازنة كل من الإمارات السبع.