تنشر "الحياة" اليوم نص الورقة الفرنسية التي تضمنت أفكاراً لتحريك ملف العراق في الأممالمتحدة نصها في ص4، فيما لوحظ ان ردود فعل اعضاء مجلس الأمن على هذه الورقة تميز بالحذر، إذ تجنبوا الترحيب بالأفكار أو رفضها من حيث الجوهر، لكن الأكثرية رحبت بمجرد طرحها لأن تدوين الأفكار بصيغة مكتوبة يفسح في المجال للبدء بنقاش في المجلس والخروج من حال الفراغ. وسلّم السفير الفرنسي آلان دوجاميه نسخة عن الورقة الفرنسية إلى سفراء الدول الأربع الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن اثناء اجتماع لهم ليل الثلثاء كان يفترض ان يبقى سرياً، حسب مصادر فرنسية رفيعة. وتكتم السفراء، بعد الاجتماع، على مواقفهم بانتظار تلقي المعلومات من العواصم. ووصف السفير الروسي سيرغي لافروف الورقة الفرنسية بأنها "سلة أفكار" فيما قال نائبه أمس إن روسيا ترحب بالفكرة العامة لتقدم فرنسا بورقتها، لكنها تريد ان تدرس التفاصيل. وحسب مصادر فرنسية، عكست ردود الفعل الأميركية والبريطانية الأولية اهتماماً بالورقة لجهة استكشاف الاحتمالات العملية لما ورد فيها. وتوقعت مصادر عربية وغربية ألا تلاقي الورقة الفرنسية موافقة بغداد، واعتبرت ان الورقة تقوم في معظمها على افتراض التعاون العراقي. وحرصت باريس في صياغة ورقتها على أن تطلق عليها عنوان "المساهمة الفرنسية في البحث عن حل" لمسألة العراق. وانطلقت من أساس "فتح" آفاق جديدة تأخذ في الاعتبار "الوضع الجديد" السائد في العراق، والحاجة إلى ضمان الأمن والاستقرار الاقليميين، فيما يتم تحسين ظروف الشعب العراقي. وأشارت الورقة الفرنسية إلى أن القصف العسكري الأميركي - البريطاني الأخير أوجد "وضعاً جديداً" يجعل التحقيق في برامج التسلح العراقي "شبه مستحيل". كما سجلت موقف فرنسا بأن على مجلس الأمن الاعتراف بأن تحقيق التقدم في مجال نزع السلاح في العراق ليس ممكناً "باستثناء الوسائل القديمة"، وان افتراض هذه الامكانية "أمر وهمي". وعرضت فرنسا اقتراحات فصّلتها في ثلاثة عناوين رئيسية هي: أولاً، الانتقال من نمط البحث في برامج التسلح السابقة إلى ميكانيزم ضبط استئناف التسلح يتميز ب "الوقائية". ثانياً، انشاء آلية تضمن الشفافية المالية في عمليات الاستيراد والتصدير تطمئن المعنيين بما يؤدي إلى رفع الحظر النفطي. وفي هذا الإطار تؤكد الورقة ان منطق الحظر النفطي زال، وأنه يجعل الشعب العراقي "رهينة" لدى السلطات، لذا تدعو بشدة إلى رفع هذا الحظر. ثالثاً، تتضمن الورقة الفرنسية تفاصيل آليات مراقبة متشددة على الحركة النفطية وعلى الصادرات والواردات العراقية. جولة اولبرايت تشمل المغرب الى ذلك، ذكرت مصادر وزارة الخارجية امس ان الوزيرة مادلين اولبرايت ستضيف محطة ثالثة هي المغرب في جولتها المقبلة في الشرق الأوسط اواخر الشهر الحالي اضافة الى كل من المملكة العربية السعودية ومصر. وقالت المصادر ان الهدف من زيارة المغرب هو البحث مع الملك الحسن الثاني في الوضع العراقي في ضوء التطورات الجديدة في المنطقة. وفي الوقت نفسه نفى مسؤول في الوزارة ان تكون واشنطن تعد خططاً لشن حملة عسكرية جوية جديدة ضد العراق بعد عيد الفطر المبارك لكنه اوضح ان اي اعمال ستقوم بها الولاياتالمتحدة في المستقبل ستكون رداً على "الاستفزازات" العراقية، مشيراً الى ان المسؤولين الاميركيين لا يعرفون تماماً الآن نوايا بغداد. وعلق المسؤول على مقال نشرته امس صحيفة "نيويورك تايمز" مفاده ان العراق توقف عن شراء المواد الغذائية والأدوية في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء وعن زيادته انتاج النفط الى حدود مليون برميل في اليوم بقوله انه لا يملك معلومات محددة تؤكد مضمون المقال لكنه اشار الى ان ما نشر يتلاءم مع الممارسات العراقية السابقة بعدم استيراد المواد الانسانية الضرورية لرفع معاناة الشعب العراقي. وشدد المسؤول الاميركي على القول ان الولاياتالمتحدة ماضية في السعي الى منع العراق من اختراق منطقة الحظر في الشمال والجنوب رغم تحريكه المزيد من المعدات العسكرية الى منطقتي الحظر لتحدي قوات التحالف. والجدير بالذكر ان الطائرات الاميركية هاجمت امس مواقع صواريخ أرض - جو عراقية في الشمال. وطرح المسؤول ثلاثة احتمالات لتطورات الوضع مع العراق وهي: اولاً - استمرار الأمور على حالها بمضي بغداد في تحدي منطقتي الحظر والاستمرار الاميركي في الرد على ذلك مع امكانية اسقاط العراق لطائرة اميركية او بريطانية مع ما سيترك ذلك من مضاعفات سلبية. ثانياً - تحسن الوضع بمعنى ان "يتراجع الرئيس العراقي" عن مواقفه الحالية وباستمرار قوات التحالف في التحليق فوق منطقتي الحظر الجوي وحصول تقدم في المناقشات الدائرة حالياً حول انظمة التفتيش الدولية عن اسلحة الدمار الشامل. ثالثاً - تصعيد المواجهة وهذا قد يتم مثلاً عبر انهاء تعاون العراق مع برنامج النفط مقابل الغذاء وان تحرك بغداد معدات عسكرية الى شمال العراق او تراجعها عن الاعتراف بالكويت وبقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.