اعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس عن سعادته بوقف العمليات العسكرية ضد العراق، وحض على اجراء "مراجعة معمّّقة لعلاقات العراق مع الاممالمتحدة"، واقترح درس تحسين ظروف معيشة العراقيين ونهج جديد لمراقبة الاسلحة العراقية، ودرس رفع الحظر النفطي مع فرض رقابة مالية مشددة جداً على استخدام بغداد العائدات النفطية. في غضون ذلك اكدت موسكو "ارتياحها" الى وقف الغارات على العراق لكنها حذّرت من انها ترفض تكرارها، ونوّهت ب "حكمة" بغداد لافتة الى انها مستعدة للتعاون مع لجنة نزع السلاح اونسكوم. وقال شيراك للصحافيين: "اننا الآن في مرحلة جديدة هي مرحلة التحرك ووضع الأطر التنفيذية للخروج الحقيقي من الازمة، وفرنسا ستكرّس لذلك كل طاقتها". وتابع انه اجرى اتصالات في الايام الاخيرة في شأن احراز تقدم، شملت الامين العام للامم المتحدة كوفي انان والرئيسين الاميركي بيل كلينتون والروسي بوريس يلتسن، ومسؤولين عرباً بارزين. واشار الى ان فرنسا "مستعدة لتقديم مساهمة باتجاه الخروج من الازمة، وينبغي ان يساهم الكل في العالم في هذه الجهود". وفي حديث الى صحيفة "جورنال دو ديمانش" تناول وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين مراقبة التسلح العراقي، وقال: "منذ سبع سنوات ولجنة الاممالمتحدة اونسكوم تقوم بمراقبة كل ما يمكن مراقبته في العراق، وهذه الضربات العسكرية ايضاً دمرت بعض السلاح"، واستنتج ان "المراقبة السابقة انتهت، ويجب اتخاذ احتياطات، والانتقال الى مرحلة المراقبة الدائمة". وحض على اعادة النظر في مهمة "اونسكوم" في العراق، داعياً الى اجراءات احتياط على المدى البعيد تختلف عن التفتيش. واعترف فيدرين بأن الولاياتالمتحدة وجهت ضربة للعراق، "على أسس شرعية، اذ كان هناك تنبيه للعراق في قرار مجلس الامن". ورأى الناطق باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم، فرنسوا هولند في برنامج تلفزيوني شارك فيه وزير الخارجية السابق هيرفي دوشاريت ان نتيجة الضربة الاميركية سلبية "ستضعف الاممالمتحدة" وتعزز موقع الرئيس العراقي. واضاف ان الدرس الاول الذي ينبغي استنتاجه هو اهمية "اعادة الاممالمتحدة الى وسط نظام انهاء التوتر الدولي وإلا سنذهب من قضية الى اخرى نحو تنظيم العالم مع شرطي واحد وقوة عظمى واحدة تكون لها شرعية للتدخل". ودعا الى "خروج العراق من الحظر". واعتبر دوشاريت ان على فرنسا "ان تستعيد دورها الاول لإيجاد حل للازمة العراقية". وقال: "حتى الآن تحمّلنا هيمنة الديبلوماسية الاميركية التي لا تطاق". وتجمع الاوساط الرسمية في فرنسا على ان الموقف الفرنسي امتنع عن ادانة الضربات الاميركية - البريطانية بصراحة على رغم ان هذه الاوساط كانت ضدها، والسبب ان باريس تريد اقناع الادارة الاميركية بالتحرك نحو خطة تدرسها للخروج من الازمة في العراق. وجاءت تصريحات شيراك امس، لتؤكد ان الاوساط الفرنسية المسؤولة تدرس اقتراحات لاحتمال توسيع القرار 986 النفط للغداء وايجاد سبل لتزويد العراق المعدات التي تتيح له زيادة صادراته النفطية، وفي الوقت ذاته فرض رقابة مشددة على اموال العراق من عائداته النفطية. وبات واضحاً ان لدى الاوساط الفرنسية رغبة في سحب موضوع مراقبة التسلح من رئيس "اونسكوم" ريتشارد بتلر لأن المسؤولين الفرنسيين لا يثقون به ويعتبرونه مسؤولاً عن عدد من الازمات مع العراق. الى ذلك اعلن رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف لدى وصوله الى نيودلهي امس ان موقف روسيا لم يتغير وانها ما زالت تعارض بشدة استخدام القوة ضد العراق من دون موافقة مجلس الامن. واضاف: "اننا مرتاحون لأن استخدام القوة انتهى، لكننا نشعر بالارتياب لصدور تصريحات من واشنطن ولندن عن ان هذا مجرد توقف يمكن ان يستأنف بعده القصف". وشدد على ان موسكو "تعترض بشدة على مثل هذا الطرح". واثر لقاء مع السفير العراقي في موسكو حسن فهمي جمعة، قال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان القيادة العراقية "مستعدة للتعاون مع الاممالمتحدة وتحديداً مع اونسكوم" لافتاً الى ان موسكو مرتاحة الى مثل هذا الموقف. واكد ان بغداد "ابدت حكمة وضبط نفس" ولم تقم بأي خطوة من شأنها تعقيد الوضع اثناء عملية "ثعلب الصحراء"