أعلن الجيش الايراني انحيازه الى الرئيس سيد محمد خاتمي في ملف الاغتيالات الاخيرة التي ثبت تورط مسؤولين امنيين فيها. وأكد القائد العام لهذا الجيش الجنرال علي شهبازي انه يؤيد كشف "الجزء" الذي تمسك خاتمي بإعلانه في هذا الملف. وشدد على ان الجيش يدعم حكومة خاتمي وإصلاحاته. وأكدت اوساط سياسية قريبة من الحكومة و"مطلعة" ان شهبازي "اكد باسم الجيش تأييده قرارات الرئيس خاتمي في هذه القضية ويدعم توجهاً نحو الاصلاحات الضرورية والملائمة". وأشارت الى ان هذا الموقف اعلنه شهبازي في جلسة اخيرة للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو اعلى هيئة تتخذ القرار في شؤون الدفاع والأمن، وذلك وسط معارضة وتحفظ رموز دينية وسياسية وشخصيات غير مدنية على كشف ملابسات الاغتيالات والاجراءات التي يدفع خاتمي في اتجاه اتخاذها داخل الاجهزة المعنية، بحجة ذلك "يلحق ضرراً بسمعة النظام وسيشكل مدخلاً جديداً للقوى المعادية في الخارج وحتى في الداخل لتشكك في صدقية الحكم وتواصل توجيه طعناتها الاعلامية والسياسية المستمرة منذ انتصار الثورة". ويذكر ان الاعضاء الثابتين في المجلس الأعلى للأمن القومي هم رئيس الجمهورية الذي يتولى رئاسة المجلس ورئيسا البرلمان والسلطة القضائية ووزراء الخارجية والداخلية والاستخبارات ورئيس هيئة الاركان المشترطة للقوات المسلحة وقائدا الجيش والحرس الثوري بالإضافة الى مندوب عن مرشد الجمهورية الاسلامية المحافظ علي لازيجاني وأمين عام المجلس، نائب رئيس البرلمان حسن روحاني. وأكدت الأوساط السياسية ان خاتمي شدد على تصميمه على مكاشفة الرأي العام بپ"جزء" من الحقيقة، لكنه الجزء المهم، وهو تورط مسؤولين امنيين في عمليات الاغتيال. وحرصت هذه المصادر على تكرار ان خاتمي تعرض لضغوط شديدة من جهات عليا في النظام والدولة ومسؤولين غير مدنيين لعدم اماطة اللثام عن تورط الكوادر الامنية. لكن خاتمي تمسك بقراره ولقي دعماً مباشراً وصريحاً من أنصاره، ولعبت الصحف المؤيدة له دوراً كبيراً في هذا الاتجاه اذ سرّب بعضها نبأ تورط مسؤولين في وزارة الاستخبارات قبل الاعلان الرسمي عن ذلك من اجل "وضع الجميع امام الامر الواقع" خصوصاً ان الصحف المعروفة بولائها للتيار المحافظ ركزت خلال تلك المدة على تورط عناصر من "بقايا عصابة مهدي هاشمي" الذي اعدم اواسط الثمانينات بعد ادانته بالعمل لمصلحة الاستخبارات الاميركية وهو مسؤول في الحرس الثوري، وكان واضحاً عدم صحة ودقة هذا الامر. ولم تخف المصادر السياسية "المطلعة" والموثوق بها حساسية الاعلان - الصدمة وانعكاساته بين اركان الحكم والقوى المتنفذة غير المنسجمة مع خاتمي وتوجهاته وسياساته. وقالت ان الاعلان "لم يؤكد فقط صدقية خاتمي مع شعبه والرأي العام وحرصه على التفافية وتطبيق القانون وبالتالي تمسكه بشعاراته ونهجه اياً كانت الضغوط والمصاعب لكنه أشار الى ان المعركة ضارية وان خاتمي متأكد من احتضان الشعب له ودعمه وتأييده". وأشارت هذه المصادر الى ان "قراراً جريئاً كهذا وما سبقه وسيليه من اجراءات تحتاج ايضاً الى سند من داخل قيادة النظام، ولهذا حرص خاتمي على اطلاع المرشد علي خامنئي على تفاصيل الملف، واستجاب خامنئي لقرار خاتمي ليس فقط بالاعلان عن جزء من الحقيقة بل على ادارة الملف بكامله"، وأكدت هذه المصادر ان انحياز الجيش وقائده العام الى جانب خاتمي وتأكيد دعم الجيش له ولنهجه واصلاحاته وقراراته "ساهم بدور كبير جداً في تصليب عود خاتمي"، علماً بأن المرشد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تتألف من الجيش والحرس الثوري وقوات "البسيج" التعبئة وقوى الأمن الداخلي. ويكتسب هذا الانحياز اهمية بالغة في ظل ما يتردد في طهران من ان الاغتيالات لم تكن سوى جزء من سيناريو هدفه اسقاط خاتمي. وتقول المصادر السياسية ان قائمة الاغتيالات التي كانت ستنفذ تضم 180 شخصية سياسية وثقافية، بينها بعض المسؤولين كوزير الداخلية السابق عبدالله نوري، ومستشار خاتمي القطب البارز في حزب "جبهة المشاركة" حزب انصار خاتمي سعيد مجاريان، وزعيم منظمة مجاهدي الثورة الراديكالي الوزير السابق بهزاد نبوي، ورئيس تحرير صحيفة "عصرما" محسن آرمين، ورموز طلابية في الاتحاد العام للطلبة "دفتر تحكيم وحدت"، والوجه الجامعي المعروف ابراهيم اصغر زادة، والسياسي القريب من خاتمي عباس عبدي، وابنة الرئيس السابق النائبة فائزة رفسنجاني، وزعيم "حركة الحرية" المعارضة ابراهيم يزدي، والمعارض الاسلامي الديموقراطي عزت الله سحابي. ورأت هذه الأوساط السياسية ان تأكيد المرشد علي خامنئي في صلاة الجمعة أول من امس، على ضرورة عدم توقف التحقيقات "اشارة ايجابية من شأنها ان تعزز التنسيق بينه وبين خاتمي". وأكدت ان عدد المسؤولين الكبار الذين اوقفوا تجاوز العشرة حتى الآن. وشددت على ان انحياز الجيش لخاتمي "سيعزز مسار الاصلاحات والتدافع السياسي المدني السليم والديموقراطي في نظام الجمهورية الاسلامية".