دعت بعثة الأممالمتحدة لتقصي الحقائق في الجزائر، في تقريرها الذي سلمته إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وسينشر نصه اليوم، إلى تكاتف الجهود الدولية لمساعدة الجزائر في مكافحة الارهاب. وطالبت الحكومة الجزائرية باتخاذ مزيد من الاجراءات لتعزيز النهج الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان وضبط أداء الأجهزة الأمنية والجيش في إطار من الشرعية وسيادة القانون. وأكدت اللجنة في تقريرها المؤلف من 32 صفحة، الذي حصلت "الحياة" على نصه، ضرورة تحرير الاقتصاد الجزائري بتسريع برنامج خصخصة القطاع العام لإطلاق الطاقات الاقتصادية وجلب عوائد لمعالجة المشاكل الاجتماعية مثل البطالة والفقر. ومن المقرر أن تتسلم الحكومة الجزائرية اليوم تقرير البعثة الدولية الاستعلامية التي زارت الجزائر أخيراً قبل أن يعلنه في نيويورك اليوم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وأكدت مصادر ديبلوماسية غربية في نيويورك لپ"الحياة" أن رئيس البعثة الرئيس البرتغالي السابق ماريو سواريش قدم تقرير اللجنة، المؤلفة من ست شخصيات سياسية معروفة، إلى أنان الخميس الماضي بعدما وافق أعضاء اللجنة بالاجماع على صيغته النهائية. وقالت المصادر إن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد اطلع أمس على عناصر التقرير والتوصيات التي تم وضعها كملاحظات ختامية. وخلص التقرير، المكتوب باللغة الانكليزية، إلى ضرورة تكاتف الجهود الدولية "لإيجاد سبل وآليات وخلق برامج للتعاون والتضامن مع الجزائر في سعيه لمعالجة المشاكل التي تواجهها في سياق تطوير مؤسساتها السياسية والاقتصادية ومكافحة الارهاب". ونوه التقرير إلى ضرورة أن تكون اجراءات مكافحة الارهاب "ضمن الإطار الشرعي والنسبية واحترام حقوق الإنسان الأساسية للشعب الجزائري". وأوضح "أن اجراءات تطبيق القانون والحفاظ على الأمن والدفاع عن النفس يجب أن تكون ضمن المعايير المسؤولة حتى يشعر الشعب الجزائري والمجتمع الدولي بأسره بالثقة بأن سيادة القانون هي الغالبة في الجزائر". وأعرب التقرير عن "قناعة أعضاء اللجنة بأن المزيد من الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان يخدم جهود مكافحة الارهاب". واعتبر أن "لا بديل من تعزيز الديموقراطية والتعددية لتدعيم العناصر المدنية في الحكومة... وهو أمر ممكن الآن". ودعا الحكومة الجزائرية إلى العمل بجد من أجل "تغيير العقلية السائدة في الجهاز القضائي والمؤسسات المعنية باحترام حقوق الإنسان، وفي الشرطة والجيش وفي النظام السياسي الجزائري بمجمله". وأكد التقرير أن الجزائر "تستحق دعم المجتمع الدولي في جهودها لمكافحة ظاهرة الارهاب"، مشيراً إلى أن اللجنة "تدين كل أشكال التطرف التي تستخدم مبررات لأعمال الارهاب غير المبررة على الاطلاق". وأكدت اللجنة قناعتها بأن المجتمع الجزائري "قادر على التعبير عن آرائه السياسية ضمن إطار من الشرعية". ودعت التوصيات أيضاً الحكومة الجزائرية إلى تعزيز وتنشيط مؤسساتها المدنية لحماية حقوق الإنسان في الجزائر، و"مراعاة الشكاوى من الاعتقالات العشوائية والاعدامات خارج النظام القضائي وحل مشكلة الاشخاص المفقودين".كما طالبت السلطات الجزائرية باتخاذ "اجراءات لتحسين شفافية قراراتها وحوارها مع الشعب وتدفق المعلومات إلى المواطنين الجزائريين". ودعا عضو اللجنة البارز رئيس الوزراء الأردني السابق السيد عبدالكريم الكباريتي إلى النهوض بجهد دولي لمكافحة الارهاب بكافة أشكاله ومصادره ودوافعه، مشيراً إلى أن "كثيراً من المنظمات الارهابية اتخذت من الولاياتالمتحدة وأوروبا مقراً لها للتخطيط والتمويل والتحريض على الارهاب تحت مسميات مختلفة وأشكال متعددة وهويات مزيفة لم تعد خافية على أحد". وفي إشارة إلى الجماعات الارهابية المناوئة لكل من الأنظمة في مصر والبحرين وبعض الدول الخليجية الأخرى، شدد الكباريتي في تصريح إلى "الحياة" على أنه "آن الأوان لأن تقوم الدول التي تؤوي رموز وقيادات ومكاتب تلك الجماعات باتخاذ الاجراءات اللازمة كجزء من خطة دولية لمحاربة الارهاب". كما دعا إلى بلورة "مفهوم دولي متعارف عليه لما يمكن اعتباره ارهاباً ليشكل أساساً لمحاسبة ممارسيه". وقال الكباريتي، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس الأعيان، إن "هناك ديموقراطية حقيقية في الجزائر وأن الحكومة تقوم بجهود لجهة تنفيذ برنامج اصلاح اقتصادي شامل ومتكامل. كما ان الجهود الأمنية نجحت في كسر شوكة الارهابيين وحصر نشاطاتهم في مناطق ضيقة ومحدودة". وأكد أن "الأوضاع في مجملها أفضل من السابق، وهي تتحسن باستمرار"