استقبل الرئيس الجزائري اليمين زروال أمس أعضاء وفد الأممالمتحدة الذي يرأسه الرئيس البرتغالي السابق ماريو سواريش عشية انتهاء مهمته التي دامت اسبوعين في الجزائر التقى خلالها زعماء أحزاب في السلطة والمعارضة ومسؤولين في الحكومة ونقابيين وإعلاميين وضباطاً في الجيش وجال في مناطق شهدت مذابح، فيما اذيع أن 12 مدنياً قتلوا في مكمن في غرب البلاد وان 12 من المهاجمين قتلوا أيضاً بعد تدخل قوى الأمن لملاحقة المسلحين. وحضر لقاء زروال والوفد الدولي والذي عُقد في مقر رئاسة الجمهورية وزير الخارجية السيد أحمد عطاف والمستشار المكلف الشؤون الدولية في وزارة الخارجية السيد عبدالقادر طفار. واستمع أعضاء الوفد السداسي إلى عرض من زروال تناول الأزمة الجزائرية منذ تسلمه وزارة الدفاع في 1993، والمحاولات التي بذلها للخروج من الأزمة واتصالاته مع قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ منذ 1993 حتى الانتخابات الأخيرة. وبهذا اللقاء أنهت البعثة الدولية مهمتها "الاستطلاعية"، للتوجه الى الصحراء الجزائرية غرداية في زيارة سياحية ثم منطقة حاسي مسعود الصناعية، قبل سفرها اليوم الى برشلونة للاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وستعرض البعثة مع أنان حصيلة ما توصلت اليه في لقاءاتها في الجزائر، لكن تقريرها النهائي الخطي لن يكون جاهزاً قبل شهر. وكانت البعثة التقت أول من أمس الشيخ محفوظ نحناح زعيم حركة "حماس" ورضا بوضياف وسعيدة بن حبيلس وخليدة مسعودي وباركي وزكال وحبيب يوسفي، وهم يمثلون جمعيات نسوية ونقابات واحزاباً. كما التقت النائبة دليلة بوطالب التي سلمتها ملفاً عن "المختطفين وضحايا الإرهاب والتجاوزات". ودان الشيخ نحناح، وهو زعيم الحزب الاسلامي الشرعي الأكبر في الجزائر، لجنة الاممالمتحدة. وقال ان قيامها بمهمة تقصي الحقائق "غير مقبول على الاطلاق". وقال للصحافيين بعد الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات انه مقتنع الآن ان هذه اللجنة تحولت إلى لجنة تحقيق. واضاف ان أي تدخل خارجي غير مقبول على الاطلاق وان الحل للمشكلات في الجزائر لا بد وان يكون حلاً جزائرياً. الوضع الأمني على الصعيد الأمني، أعلن بيان رسمي أ ف ب ان مكمناً استهدف باصاً الاحد في منطقة سعيدة غرب الجزائر مما اسفر عن مقتل 12 راكباً وجرح ستة آخرين، بينما قتل 12 من المهاجمين حين تدخلت قوى الامن لوضع حد للهجوم. وكانت الصحف الجزائرية اشارت أمس الاثنين الى هذا الحادث موردة محصلات تراوحت بين ستة قتلى و40 قتيلاً. وكان بيان أول صدر عن الأجهزة الامنية أشار الى ان مجموعة من "الارهابيين"، في إشارة إلى الاسلاميين المسلحين، قتلوا 12 شخصاً وجرحوا ستة آخرين خلال هجوم على باص للركاب في بلدية بلول. وقال بيان ثان إن قوى الامن حاصرت المجموعة وقتلت اثنين من المهاجمين ثم عشرة آخرين، مشيراً الى ان "عملية محاصرة المهاجمين والقضاء عليهم مستمرة". ولم يوضح البيانان الظروف التي جرى فيها المكمن. واستنادا الى صحيفة "وهران" المحلية التي تصدر في غرب الجزائر، فإن 40 شخصاً قتلوا حين قام مسلحون باطلاق النار بالرشاشات على الباص بينما كان يسير في غابة تقدوره. واضافت ان المهاجمين صعدوا بعدها الى الباص وأجهزوا بالسلاح الأبيض على الركاب الذين نجوا من الرصاص. وقالت إنهم احرقوا بعدها الباص وفروا وهم يقتادون عددا من النساء. وكانت صحيفة "صوت الأحرار" ذكرت ان مجموعة مسلحة من "كتائب الموت" التابعة ل "الجماعة الاسلامية المسلحة" اوقفت حافلة كان يستقلها 20 شخصاً عند حاجز مزيف في مكان يدعى فيض الكلخ وذبحت السائق واضرمت النار في الحافلة وما فيها من الركاب فقتل خمسة مسافرين وجرح ثلاثة آخرون. واضافت ان بقية الركاب نجوا بفضل تدخل قوات الامن التي اشتبكت مع المهاجمين وقتلت اثنين منهم. على صعيد آخر، أعلنت الحكومة الجزائرية رفضها تقريراً أعدته لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، واعتبرته "مهيناً" لأنه يوصي باجراء تحقيقات مستقلة عن تصرفات قوات الامن في المجازر التي تقع في الجزائر. وصرح الناطق باسم الخارجية السيد عبدالعزيز سبع، خلال لقائه الأسبوعي بالصحافة، لأنه "من المهين ان توجه اللجنة اتهامات خطيرة مستندة الى مجرد ادعاءات ضد مؤسسات الدولة الجزائرية". وشدد سبع على ان الجزائر "تستنكر هذه الاتهامات التي توجه اليها اعتباطاً"، وأوضح ان الحكومة ستجيب رسمياً "وعلى كل نقطة" في اتهامات اللجنة. وقال ان ذلك يعتبر "سابقة خطيرة جداً بالنسبة إلى لجنة تضم خبراء حيث تستند نتائجها الى ما تسميه هي نفسها ادعاءات وتتبناها من دون أي تدقيق في صحتها". واضاف انه "لا يقبل" ان لا تعير اللجنة اهتماماً للاجراءات التي اتخذتها الجزائر في "مجال الحريات"، مشيراً إلى اغلاق مراكز الاعتقال الاداري وتعليق تطبيق حكم الاعدام وإلغاء المحاكم الخاصة وقوانين مكافحة الارهاب. وكانت لجنة الاممالمتحدة لحقوق الانسان طلبت الجمعة الماضي اجراء تحقيقات مستقلة عن تصرفات قوات الامن في كل المجازر التي وقعت في الجزائر، مشيرة إلى أن الحكومة الجزائرية قدمت "معطيات غير كافية وغير دقيقة" عن حقوق الانسان.