كان إعلان حماس معارضة قرار الرئيس محمود عباس الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي طلباً للاعتراف بدولة فلسطين معيباً، وتصريح محمود الزهار أن أبو مازن يبحث عن عذر للعودة إلى المفاوضات يصب في خانة إسرائيل، ويعبر عما تتمنى أن يكون موقف السلطة الفلسطينية. بدأت بحماس محاولاً الموضوعية فمواقف قيادتها في غزة عقبة في وجه السلام كحكومة إسرائيل، وهي بتطرفها وانغلاقها داخل إمارة غزة، وسياستها المعلنة أصبحت عذراً جاهزاً تستعمله إسرائيل والولاياتالمتحدة ضد الوحدة الوطنية الفلسطينية ولعرقلة المفاوضات. ومن حماس إلى غيرها فإدارة باراك أوباما تتصرف وكأنها إدارة جورج بوش الابن، وتمثل إسرائيل في المفاوضات مع الفلسطينيين وفي الأممالمتحدة، ولا تمثل أي مصلحة أميركية، أو تعكس المزاعم الدائمة عن الانتصار لحقوق الشعوب العربية الثائرة في كل بلد. الرئيس أوباما قال السنة الماضية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد سمعته: «أنه ينتظر الترحيب بدولة فلسطين عضواً في المنظمة العالمية، وهو اليوم جنّد إدارته كلها لمنع محاولة الفلسطينيين الحصول على نصف عضوية». والكونغرس الأميركي الشريك في كل جرائم إسرائيل ضد العرب والمسلمين من فلسطين إلى العراق وكل مكان، يهدد بوقف مساهمة الولاياتالمتحدة في موازنة الأممالمتحدة إذا قبلت فلسطين نصف عضو، وبوقف المساعدات الأميركية للسلطة الوطنية، وهي إطلاقاً ليست للسلطة، وإنما لإسرائيل وهدفها منع انتفاضة ثالثة (المساعدات لمصر هي أيضاً لإسرائيل وهدفها بقاء معاهدة السلام التي أعلن شعب مصر كله رفضها). تبقى إسرائيل المجرم الأول والأخير في الموضوع كله، ففي القيادة حكومة نازية جديدة عنصرية تقتل النساء والأطفال والشيوخ، وقد قتلت ألوفاً منهم بدءاً بمثل هذا الشهر سنة ألفين، وبينهم 1500 ولد قاصر، أي دون 15 سنة، ثم تجعل الإفراج عن جندي مخطوف قضية، وفي سجونها عشرة آلاف فلسطيني بينهم نساء وأولاد صغار. عندما تكون حكومة إسرائيل بإدارة مجرم حرب من نوع بنيامين نتانياهو وحارس مواخير من نوع المولدافي افيغدور ليبرمان لا نستغرب أن نسمع تصريحات مثل أن ذهاب الفلسطينيين إلى الأممالمتحدة قرار أحادي وأن المطلوب العودة إلى المفاوضات من دون شروط. وهكذا فبناء المستوطنات في أراضي الفلسطينيين، وإسرائيل كلها مستوطنة في أراضيهم، ليس قراراً أحادياً، والمفاوضات من دون شروط تعني عدم اشتراط ضم القدس أو استمرار الاستيطان، أو عودة اللاجئين. المفاوضات مع حكومة نتانياهو عبثية والوصول إلى سلام معها مستحيل، وإدارة أوباما تتحمل قسطها من المسؤولية، فيكفي أن ترسل إلى الفلسطينيين ممثلاً عنها دنيس روس، وهو إسرائيلي في كل مواقفه منذ 1993 وحتى اليوم، لنعرف أنها امتداد للموقف الإسرائيلي المتطرف. كيف حاولت إدارة أوباما تشجيع أبو مازن على التفاوض؟ أرسلت إليه دنيس روس مع ديفيد هيل، وعرضت عليه بياناً يتحدث عن إسرائيل دولة يهودية ولا يتحدث عن وقف الاستيطان أو القدس أو عودة اللاجئين، بل يعارض الوحدة بين فتح وحماس. هل كتبت إسرائيل البيان الذي حمله روس؟ أبو مازن كسب الجولة بغض النظر عن نتائج مغامرة الأممالمتحدة، فهناك احتمالان لا ثالث لهما، أن يحصل الفلسطينيون على اعتراف أو نصف اعتراف، أو تحبط إدارة أوباما طموحاتهم ليزداد غضب الشارع العربي عليها وليهدد كل مصلحة لها في بلادنا، بدءاً بمصر. وشخصياً، أتوقع في حال استمرار إدارة أوباما في لعب دور شريك كامل لإسرائيل رغم جرائمها أن يكون للملك عبدالله بن عبدالعزيز موقف سياسي واقتصادي حاسم، فأنا أعرفه وهم لا يعرفونه، وأمامي كتاب عنوانه «الهدف: الطاقة والأمن وإعادة صنع العالم» من تأليف دانيال بيرغن، الفائز بجائزة بوليتزر، وهو يقول إن كل ما نفعل، أي ما يفعل الناس في العالم، يعتمد على الكفاح طلباً لمصادر الطاقة. نحن نملك الطاقة في جوف الأرض والطاقة لاستعمالها. [email protected]