شجب رئيس الوزراء المغربي عبدالرحمن اليوسفي المحاولات الرامية الى عرقلة عمل حكومته، واتهم "جهات غير مسؤولة بالتحرك هنا وهناك من أجل وضع العراقيل أمام الحكومة"، في اشارة الى موقف المعارضة من مشروع الموازنة، ورفضها التصديق عليه، وتزايد مظاهر التذمر في أوساط الشباب حملة الشهادات الجامعية الذين يواصلون اعتصاماً منذ أكثر من شهر أمام مقر البرلمان. وقال اليوسفي أمام اجتماع للجنة المركزية للحزب الذي ينعقد للمرة الأولى منذ تسلمه مهام رئاسة الحكومة في آذار مارس الماضي، ان تلك الجهات التي لم يسمها "لها مسؤولية في المأزق الذي وصلت اليه بلادنا قبل تنصيب الحكومة". ووصف صراعه مع هذه الجهات بأنه "صراع بين قوى التغيير والمحافظة". وطالب بالتمسك ب "مواقفنا المبدئية" وتعبئة الطاقات السياسية والفكرية حول مشروع مجتمعي "نريده مبنياً على العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية في اطار نظام ملكي دستوري ديموقراطي ضامن لتماسك المجتمع وانسجامه". وأكد ضرورة معاودة النظر في السياسة المتبعة حالياً في المجال الاجتماعي وادخال تعديلات عليها لتحقيق السلم الاجتماعي. ورأى ان هناك "مصالح فئوية لا تندثر بمحض الارادة السياسية، لأنها مرتبطة بمواقع جنيت منها امتيازات مادية وسلطوية"، لكنه ألح على دور القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني في احداث التغيير. كما دعا الى الافادة من هامش اسلوب التناوب السياسي "على طريق اجراء انتخابات نزيهة تصون المؤسسات النيابية". وأوضح رئيس الوزراء المغربي ان حصيلة الأشهر الأولى لممارسة العمل الحكومي تعطي الانطباع ان الاجراءات المتخذة محدودة، وعرض لالتزامات حكومته إزاء دعم دولة الحق والقانون، واصلاح الادارة وتوسيع نطاق الحقوق النقابية وتشريعات العمل. وأوضح ان معضلة العمل تشكل عائقاً حقيقياً أمام التنمية و"ايجاد العمل لنحو 200 ألف شاب من حملة الشهادات لا يمكن أن يتم اعتماداً على دور القطاع العام فقط، لأن مساهمته لا تتجاوز نسبة 20 في المئة، ونفقات الدولة في كلفة الاجور تمتص 11 في المئة من الناتج الداخلي العام". ودعا اليوسفي الى مزيد من الانفتاح بين الدول المجاورة في اشارة الى الجمود الذي يطبع مؤسسات المغرب العربي. وعبر عن أسفه للاتجاه الذي أخذت تسلكه بلدان المغرب التي "أخذت في التميز بعضها عن بعض وكأنها تنحو منحى معاكساً لارادة الشعوب". وطالب المسؤول المغربي ببناء فضاء جهوي مغاربي تتعايش وتتعامل داخله قوى سياسية وأنظمة. وقال ان الأوضاع التي تمر فيها بلاده "تفرض علينا ضرورة التأمل والتفكير"، في اشارة الى الأوضاع الاقتصادية التي تمر فيها البلاد وتطورات قضية الصحراء الغربية ومستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين شمال البلاد. واعتبر اليوسفي ان قضية الصحراء الغربية "تجتاز مرحلة دقيقة" وزاد ان ذلك الواقع "يؤكد ان خطة التسوية الأممية تعاني كثيراً من المضايقات"، في اشارة الى المشاكل التي تعرفها أعمال تحديد هوية المتحدرين من أصول صحراوية، ورفض شيوخ "جبهة بوليساريو" اعداداً كبيرة من طالبي التسجيل في قوائم الاقتراع المقرر اجراؤه في شباط فبراير المقبل. وركز رئيس الوزراء المغربي في كلمته على الأوضاع الداخلية في حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يتزعمه اذ تساءل عن موقع الحزب ومستقبله من التطورات السياسية التي تعرفها البلاد. بيد أنه أكد ان حزبه الذي يقود الائتلاف الحاكم قادر على رفع التحدي، وذكر بالقرارات التي اتخذها حزبه خلال المؤتمر الاستثنائي عام 1975 والتي "ارتقت بحزبنا الى مستوى يعترف الخصوم والأصدقاء من خلاله بموقعنا المركزي في الحياة السياسية العامة لبلادنا". وقال ان "الواقع لا يجب أن يخفينا اذا كنا ثابتين في مواقفنا المبدئية، ومرنين في تصريفها وتحويلها الى نضالات ومشاريع عمل في الحقل الاجتماعي". ودعا الى أن يكون المؤتمر المقبل للاتحاد الاشتراكي في الربيع المقبل بمثابة "تدشين لنهضة جديدة تفتح الآمال أمام الشباب"