وصف رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي الملف العالق بين المغرب وإسبانيا في شأن مستقبل مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما اسبانيا شمال البلاد، بأنه "صعب". وقال في تصريح صحافي، عشية بدء زيارة رئيس الوزراء الاسباني خوسي ماريا ازنار للمغرب اليوم، "نحن واعون لصعوبة هذه المشكلة، ويجب البحث عن حل خلاق". ورأى المسؤول المغربي ان تحويل المدينتين الى فضاءين اقتصاديين وماليين سيفيد المغرب وإسبانيا على حد سواء. وتحدث رئيس الحكومة المغربية عن موقف اسبانيا من مشكلة جبل طارق. فقال: "انكم تقولون للبريطانيين ما نقوله لكم بشأن جبل طارق بخصوص سبتة ومليلية". لكنه عبّر عن أسف بلاده ازاء "مجاملة شخصيات اسبانية ووسائل اعلام عدة للبوليساريو في حملة نعتبرها معادية بعض الشيء لبلادنا"، في اشارة الى تبرعات تجمعها منظمات غير حكومية، وكذلك زيارة وفود اسبانية مخيمات اللاجئين الصحراويين في تيندوف بما "يناقض الحرص على دعم خطة التسوية" التي ترعاها الأممالمتحدة. ولاحظ اليوسفي في هذا الصدد انه "لم يسبق ان حظيت حركة ما في اسبانيا بمثل ما تحظى به "بوليساريو" من تعاطف وحملات صحافية". وأضاف "لدينا انطباع بأن جيراننا الذين تربطنا بهم مصالح ومشاريع كبيرة وعلاقات صداقة متعاطفون اكثر مع طرف آخر، وغير وديين بعض الشيء تجاهنا". وقال ان تزامن وجود زعيم بوليساريو محمد عبدالعزيز في جزر الخالدات مع زيارة رئيس الوزراء الاسباني للمغرب "لن يغير مسار التاريخ، ولكن أي شخص يدرك ان الأمر يتعلق بسلوك غير ودي وغير لبق". وأعرب عن رغبة بلاده في البحث في صيغ جديدة تمكن من تطوير التعاون المغربي - الاسباني لما فيه مصلحة البلدين، في اشارة الى امكانات البحث عن صيغة جديدة لاتفاق الصيد الساحلي المبرم بين المغرب وبلدان الاتحاد الأوروبي. ويشكل هذا الموضوع هاجساً حقيقياً لدى السلطات الاسبانية، في حال عدم تمديد العمل بالاتفاق الذي يفيد منه اسطول الصيد الاسباني بالدرجة الأولى، كونه الاكثر عدداً بين الاساطيل الأوروبية التي تصيد امام السواحل المغربية. الى ذلك ذكرت مصادر رسمية اسبانية ان رئيس الوزراء ازنار سيبحث مع اليوسفي خطة السلام في الشرق الأوسط، في ضوء الاقتراحات الاخيرة التي عرضها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وكذلك السبل الكفيلة بمعاودة انعاش الحوار الأورو - متوسطي في ضوء قرارات مؤتمر برشلونة. وأوضحت ان العاهل المغربي الملك الحسن الثاني سيستقبل المسؤول الاسباني الثلثاء للبحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمها الموقف من تطورات الصحراء والوضع في منطقة المغرب العربي، وتطورات أزمة الشرق الأوسط والوضع في الخليج. وكان المغرب وإسبانيا ابرما عام 1991 معاهدة للصداقة وحسن الجوار والتعاون تضع اطاراً قانونياً وسياسياً لترتيب علاقات البلدين وقررا العام الماضي تشكيل مجموعة عمل للبحث في اي طارئ يعتري هذا العلاقات. الا ان الملفات التي تطاول وضع المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية والموقف من تطورات قضية الصحراء ساهما في القاء ظلال من التأزم على محور العلاقات الثنائية، من دون ان ينسحب ذلك على مجالات التعاون التي تشمل الجوانب العسكرية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وتحديداً من خلال الاستمرار في تنظيم المناورات العسكرية المشتركة وزيادة حجم الاستثمارات الاسبانية في المغرب، من خلال تحويل جانب من الديون الى استثمارات ركزت على تنمية المحافظات الشمالية للبلاد. وكذلك الحال بالنسبة للتعاون في ملفات مكافحة الهجرة غير المشروعة ومكافحة المخدرات وتجسيد مظاهر اشمل للتعاون الأمني. وتُعتبر زيارة رئيس الوزراء الاسباني للمغرب الثانية له منذ توليه رئاسة الحكومة في مدريد. وكان ولي العهد المغربي الامير سيدي محمد زار مدريد في مثل هذا الوقت من العام الماضي. وجددت الحكومتان المغربية والاسبانية عزمهما على جعل معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الثنائي اطاراً مناسباً لتطوير العلاقات بين البلدين قصد مواجهة اي صعوبات من شأنها الاضرار بها. وشدد الطرفان في هذا الصدد على ضرورة مواصلة الحوار على المستويات كافة. وصرح ازنار في هذا السياق بأن الاجتماع الثالث من مستوى رفيع شكل "دليلاً آخر على التزام البلدين العمل في شكل جماعي لبناء مستقبل تطبعه الصداقة والتعاون".