البندقية - رويترز - على رغم مرور أكثر من مئتي عام على وفاته، لا يزال كازانوفا يعيش في ذاكرة التاريخ كأبرز ساحر للنساء، إذ اجتذب إليه ارستقراطيات وغانيات وزوجات طاعنات في السن وعذارى من كل انحاء أوروبا. وقد يعجب البعض إذا علم ان مغامراته العاطفية اقتصرت علي 132 سيدة فقط على مدى سنوات عمره التي بلغت 73 عاماً، بينما يفاخر عدد كبير من نجوم كرة السلة في الولاياتالمتحدة حالياً مثلاً بأنهم أقاموا علاقات مع آلاف النساء. ويقول جياندومينكو رومانيلي مدير متاحف البندقية مسقط رأس كازانوفا إنه شخصية معقدة وغنية ولهذا السبب لا نزال نذكره. وتقيم البندقية معرضاً ضخماً لمناسبة ذكرى وفاته في العام 1798 يكشف جوانب مختلفة لشخصيته، سواء كقس أو جاسوس أو مقامر أو ساحر أو عازف كمان أو فيلسوف. ويضم المعرض صوراً لعشيقاته وأصدقائه، ومن بينهم امبراطورة روسيا كاثرين الثانية والكاتب الفرنسي فولتير وخطابات شخصية. ويستمر معرض "عالم جياكومو كازانوفا" حتى العاشر من كانون الثاني يناير المقبل. ولد كازانوفا العام 1725 من أسرة من الفنانين الجوالين وتركه والداه في رعاية جدته، التي أرسلته في ما بعد للعمل في الكنيسة، غير انه تركها سريعاً بعد اكتشاف علاقته بإحدى رعاياها. واستطاع كازانوفا دائماً أن يسحر أفراد العائلات المالكة والاغنياء والرجال والنساء على حد سواء بذكائه وقدرته على الحديث باستفاضة في أي موضوع. ويصف نفسه في مذكراته بالقول إن لديه ما يكفيه من المال وان الطبيعة وهبته بهاء الطلعة وأنه أيضاً مسرف ومتحدث لبق صريح دائماً، ولكنه غير متواضع وجريء ويلاحق الجميلات. وكتب كازانوفا الذي لم يتزوج على الاطلاق: "أحب النساء إلى حد الجنون". غير ان مغامراته العاطفية تثير سؤالاً عن الأسباب التي دفعته إلى ملاحقة النساء. وفي قصة حياته التي تصدر قريباً تقول طبيبة علم النفس ليديا فلم إنه جرى وراء المتعة لتعويض غياب الام. وأضافت: "كان بحاجة لأن يدرك انه محبوب ويحظى بتقدير واحترام واعجاب". غير ان آخرين يقولون إنه ربما كان شاذاً ويحاول التخفي وراء مظاهر رجولة مبالغ فيها. وبينما يرى عدد كبير من النساء كازانوفا عاشقاً طائشاً لا يهتم بضحاياه، فإن عالمة النفس تعتقد أنه كان من انصار المرأة، وكان يستمد متعته من متعة الآخرين. وانتهت مغامرات كازانوفا العاطفية في سن الستين بعد ان انهكه التعب وسقطت كل اسنانه وأفلس نتيجة ترحاله في اوروبا وعاش يجتر ذكرياته. وكتب في مذكراته: "خارت قوتي شئياً فشيئاً على مدى ثمانية أعوام ومهما حاولت لم تعد النساء يقعن في غرامي... أشعر اني شخص مختلف تماماً".