رام الله الضفة الغربية، غزة - "الحياة"، أ ف ب - شهدت جلسة المجلس التشريعي الفلسطيني التي عقدت أمس في مدينة رام الله هجوماً عنيفاً على التشكيلة الوزارية الجديدة، وجدلاً ساخناً كاد يتحول إلى اشتباك بالأيدي بين نائبين. وأجل المجلس إلى اليوم التصويت على منح الثقة للحكومة لأن النقاشات أمس استأثرت بالجزء الأكبر من الوقت، بعدما سجل نحو ثلاثين عضواً رغبتهم في تقديم مداخلات، ولم يتمكن المجلس من الاستماع إلى كلماتهم جميعاً. وتركزت انتقادات النواب الذين دعوا إلى حجب الثقة عن الحكومة على "الحجم الفضفاض" التشكيلة الوزارية التي ضمت 24 وزيراً، واطلقوا عليها تسميات مثل "التسمين الحكومي" أو "التطويل بدل التعديل والتغيير". وأشار عدد من النواب إلى أن التشكيلة تتعارض مع مطالبة المجلس التشريعي ب "اجراء تغيير حكومي جذري ومحاسبة الوزراء الذين وردت اسماؤهم في تقرير هيئة الرقابة العامة ولجنة التحقيق الخاصة التابعة للمجلس وكانوا اتهموا بالتقصير أو التسيب المالي والإداري". ورأى نواب، من ضمنهم حنان عشراوي التي أعلنت استقالتها من الحكومة غداة تشكيلها، ان "التشكيلة التي قدمها الرئيس ياسر عرفات غير قادرة على مواجهة التحديات التي أوردها في خطابه الذي قدم فيه الحكومة الجديدة". وقالت عشراوي: "أنا مع الرئيس عرفات في ما أعلنه، لكنني لست مع هذه الحكومة". وشكل اعلان النائب متري أبو عيطة أنه وزير السياحة والآثار الجديد بدلاً من عشراوي، استغراب اعضاء المجلس، إذ لم يبلغوا مسبقاً بأن عرفات عيّن وزيراً جديداً في هذا المنصب بعد اعتذار عشراوي عن عدم قبوله. وتمت تسوية الاشكال برسالة وجهت بعد كلمة أبو عيطة إلى رئيس المجلس أحمد قريع من قبل أمانة الرئاسة الفلسطينية، تبلغه والمجلس قرار عرفات تعيين أبو عيطة في هذا المنصب. وأثار "اقتراح" قدمه أحد كوادر حركة "فتح" حسام خضر، وهو نائب عن محافظة نابلس، عاصفة في المجلس كادت تؤدي الى اشتباك بالأيدي بين خضر والنائب برهان جرار لولا تدخل النواب. اذ اقترح خضر في ختام كلمة انتقد فيها تشكيلة الحكومة الجديدة بشدة "تعيين عرفات إلهاً للشعب الفسطيني الى الأبد"، مما أثار عدداً كبيراً من أعضاء المجلس الذين رأوا ان خضر "تجاوز الأعراف بهذه التعابير" ودفع جرار الى التهجم عليه والتوجه الى المنصة لعراك معه. وسبقت المناقشات أمس سلسلة من الاتصالات المكثفة بين السلطة الفلسطينية ورئاسة المجلس والكتل النيابية. وبين هذه الاتصالات الاجتماع المهم مع كتلة نواب حركة "فتح"، الذي دعا اليه عرفات مساء الجمعة واستمر نحو أربع ساعات. وقالت مصادر في الحركة ان الاجتماع شهد مناقشات معمقة في شأن التشكيلة الوزارية، وشارك فيه حوالى 50 عضواً، وسجلت انتقادات حادة من بعض النواب في كتلة الحركة، وطرحت آراء طالبت بمعاودة النظر في مناصب وزراء الدولة، والاكتفاء بتكليف من اسندت اليهم الملفات التي يتولونها، على ان يمنحوا درجة وزير. كما طالب آخرون بإعادة النظر في توزيع الحقائب. لكن مصادر أخرى عبرت عن اعتقادها بعد الاجتماع بأن الحكومة الجديدة ستفوز بالثقة بعدما بات هناك إدراك واضح لدى الجميع ان التصويت على الثقة للحكومة يمثل اختباراً لحركة "فتح". وقال نواب من الحركة لوكالة "فرانس برس" "أوضح النواب الفتحاويون لعرفات موقفهم بوضوح، وبسبب حجم الخلاف الواسع لم يتخذ قرار في نهاية الاجتماع بإلزام أعضاء الحركة بالتصويت لمصلحة منح الثقة، بل ترك الأمر في صيغة توجه مع حرية كل نائب فتحاوي بالتصويت كما يشاء". وتحتاج الحكومة الجديدة، التي تضم 24 عضواً من المجلس التشريعي الى 44 صوتاً لنيل الثقة، من مجموع أعضاء المجلس الپ87، لكن اعضاء في كتلة "فتح" بينهم عباس زكي، وجميلة صيدم عبروا عن انتقادات حادة للتشكيل الحكومي. ونقل نبيل عمرو الذي عين وزيراً للشؤون البرلمانية عن عرفات قوله في اجتماع كتلة "فتح" ان هذه هي الساحة الفلسطينية وهذه هي الديموقراطية، وأي تشكيل وزاري قد لا يرضي الجميع.