رنّت المضيفة الجرس مرات عدة، ولم تلق جواباً. تركت مقعدها واتجهت الى المطبخ غاضبة لتسأل الخادمات لماذا تأخرن في تقديم وجبة الطعام الأساسية، فرأتهن مختبئات وراء الستارة. سألتهن عن سبب التأخير. اعتذرت احداهن وقالت: "مسز فورد، كيف تريدين منا ان نقوم بعملنا ونخدم والسيد جبران يتحدث. كلماته تشبه مواعظ السيد المسيح". حدث هذا في مطلع هذا القرن خلال حفلة عشاء فنية كبرى في نيويورك في منزل احدى سيدات المجتمع النيويوركي الراقي وفي حضور الشاعر الاميركي ويتر باينر. هذا ما رواه روبن واترفيلد في مؤلفه الجديد عن جبران خليل جبران وعنوانه "النبي: حياة وزمان خليل جبران". الصادر عن دار ذا بانغوين برس وسعره 20 جنيهاً استرلينياً. الكتاب بين مادح وذام. ويأتي في خضم الاهتمام الأوروبي والاميركي بجبران الانسان والشاعر والفنان وسط دفق من المقالات والدراسات والمؤلفات والصور النادرة عن جبران اضافة الى اعادة طبع كتبه خصوصاً "النبي" الذي نشر بالانكليزية للمرة الأولى في 1923. واخرجت اكسفورد منذ أيام طبعة جديدة من "النبي" ربما احتفاء بميلاد جبران الپ75. ومن الكتب الجديدة "جبران: انسان وشاعر" لسهيل بشروئي وجو جنكنز عن دار وان وورلد في اكسفورد وسعره 20 جنيهاً استرلينياً. إنها محاولات لإعادة احياء العصر الكلاسيكي الجديد للفتى المشرقي المهاجر وعمره 13 عاماً مع عائلته من شمال لبنان الى بوسطن وفيه ومعه موهبة الرسم والإبداع الملغز وجمالية الغامض، وجبران مصلوب بين الأنا والمطلق. ومنذ وفاته وهو في الپ45 من عمره، لا تزال روحانية جبران تسطع بين الشرق والغرب تؤرق الكتاب وتستفزهم وتحرض الشعراء وتثير القراء على مشارف القرن الحادي والعشرين.