لندن، بيروت - "الحياة"، رويترز - يقدر اقتصاديون على صلة بالحكومة اللبنانية ان نفقات خدمة الدين العام، الذي تجاوزت قيمته 17 بليون دولار، ومرتبات موظفي القطاع العام تستهلك بين 75 و80 في المئة من الموازنة العامة مما لا يتيح مجالا يذكر لخفض العجز وتغطيته كما تستهدف الحكومة. وقد تسبب توقعات بأن العجز في موازنة 1998 سيقترب من 42 في المئة من اجمالي الانفاق رجفة في أوصال دول كثيرة .... لكن في لبنان يقابل مثل هذا النبأ بالارتياح .. لان النسبة لن تعكس فقط تحسنا ملحوظا عن عجز العام الماضي الذي بلغ 59 في المئة. ويشكل "نجاح" الحكومة الوفاء بوعدها، للمرة الاولى منذ اعوام، مفاجأة ايضا لاقتصاديين غير حكوميين كانوا يشككون في خطط الموازنة عند اعلانها مطلع السنة الجارية. وقال وزير الدولة للشؤون المالية فؤاد السنيورة لرويترز: "هدفنا تحقيق رقم أفضل من رقم الموازنة واستطيع أن أقول بكل ارتياح اننا سننهي السنة بعجز أقل مما كان متوقعا". وواجهت الحكومة في الاشهر الستة الاولى من السنة عجزا بلغ 35 في المئة مما يعني ان عليها تغطية نصف المصاريف في النصف الثاني من السنة لتحقيق هدف الموازنة. وقال مدير المخاطر الائتمانية لدول الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة "طومسون بنك ووتش": "انني متفائل جداً، لانني اعتقد ان عجز الموازنة كان المشكلة الرئيسية". واضاف: "بمجرد ان ترتب امور بيتك المالية تبدأ الامور في التحسن... انها الخطوة الثانية من ثلاث مراحل رئيسية: الاولى تثبيت العملة، والثانية تثبيت الموازنة، والثالثة تنفيذ الاصلاحات والاخيرة هي الأكثر تعقيدا". وتتمتع العملة اللبنانية بالاستقرار منذ تولي السيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة في 1992 بعد عامين من انتهاء الحرب الاهلية التي استمرت 15 عاما. وفي تشرين الثاني نوفمبر الماضي وافق زعماء سياسيون للمرة الاولى على خفض العجز الذي أدى الى ارتفاع في الدين الداخلي الى ما يقترب من مستوى اجمالي الناتج المحلي. وحفز ارتفاع الدين المقترن بفشل مزمن في تحقيق اهداف خفض العجز وكالات التصنيف الى تقليل تقويمها للملاءة في لبنان. وعلى رغم ان مسؤولين يقولون ان هذا العمل يعكس ما حدث في الماضي وليس التحسن الذي تحقق حاليا الا انهم قالوا في أحاديث خاصة انهم لا يتوقعون تحسنا في تصنيف لبنان قبل ان تؤكد الحكومة انها تستطيع تحقيق هدف خفض عجز الموازنة. ومهما يكن من أمر فان مسؤولين ماليين على ثقة بأنهم نجحوا في تحسين الوضع بتحقيق فائض أولي. وقال مسؤول بارز ان نسبة الدين الى اجمالي الناتج المحلي، الذي تقول الحكومة انه اقل بقليل من 100 في المئة ويقول اقتصاديون مستقلون انه فوق هذا المستوى، ربما يصل الى الذروة السنة المقبلة. وقال السنيورة "ان تحقيق هدف السنة الجارية يعني خفض العجز الى 12 في المئة في مقابل اجمالي الناتج المحلي من 23 في المئة في 1997. ورغم ان السنيورة ومسؤولين ماليين اخرين ينفون وجود سياسة لتأخير سداد التزامات لتحسين الارقام يعتقد اقتصاديون كثيرون أن بعض الفواتير لن تسدد. كما يخشى اقتصاديون من أن الحكومة ربما لا تفوز في معركة التقليل من تأثير زيادة مقترحة في الاجور للموظفين التي يريد مطالبون ان تكون بأثر رجعي من 1996. وتضيف تكاليف زيادة الرواتب نحو 600 بليون ليرة لبنانية 400 مليون دولار الى الانفاق الحكومي الذي خصص له مبلغ 7.92 بليون ليرة. ولا توجد بعد اشارة الى خطة اعلنها زعماء لبنان العام الماضي تهدف الى خفض عدد الوظائف بمقدار 60 الف وظيفة من خدمة مدنية متخمة بنحو 180 الف وظيفة على مدى ست سنوات. واعترف مسؤولون في احاديث غير رسمية انه يصعب خفض عدد الوظائف الذي يلقى معارضة من سياسيين وظفوا أنصارهم في مصالح الدولة.