شنّت القوات الأميركية أمس غارات على "مواقع ارهابية" في افغانستان والسودان انتقاماً من عملية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي ودار السلام. وقال الرئيس بيل كلينتون انه أمر بالغارات بعدما توصل الى "ادلة" على تورط جماعات محيطة باسامة بن لادن في التفجيرين. وأفاد مساء أمس سكان انهم سمعوا اصوات انفجارات في الخرطوم بعد تحليق طائرتين حربيتين فوق العاصمة. واضافوا انهم شاهدوا ما بدا انه وميض ثلاث او اربع انفجارات في السماء شمالي المدينة. وقال شرطي في الشارع ان الانفجارات وقعت في منطقة صناعية شمالي العاصمة. وقال الرئيس بيل كلينتون في بيان قبل قطعه اجازة مع عائلته في مارثاز فانيارد انه أمر "قواتنا المسلحة بضرب منشآت تابعة لإرهابيين في افغانستان والسودان بسبب التهديد الذي يشكلونه لأمننا الوطني. لقد قلت مراراً في السابق ان الإرهاب يشكل واحداً من أهم المخاطر في هذه الحقبة. ولقد رأينا عقليته الارهاب الملتوية الإسبوع الماضي في تفجير السفارتين" في افريقيا. وأضاف: "اليوم رددنا. لقد شنت الولاياتالمتحدة صباح اليوم امس هجوماً على واحدة من اهم قواعد الارهابيين في افغانستان تديرها جماعات" مرتبطة بابن لادن. وقال: "لقد ضربنا ايضاً منشآت كيماوية في السودان. هدفنا قواعد الارهابيين ونشاطهم. هدفنا تعطيل قدرتهم على ضرب الاميركيين والناس الابرياء". واضاف انه امر بقصف الاهداف "لان لدينا ادلة مقنعة بان هذه الجماعات لعبت دوراً رئيسا في ضرب السفارتين وانهم كانوا يخططون لمزيد من الهجمات وانهم نفذوا في السابق اعتداءات على الاميركيين". وشرح مسؤول في وزارة الدفاع البنتاغون الإهداف التي ضربها الإميركيون. فقال ان القوات الاميركية قصفت ثلاث قواعد في افغانستان بينها القاعدة الرئيسية لابن لادن في زواقري، وقاعدة تخزين اسلحة، ومخيم لصنع الأسلحة والمتفجرات. وقال ان بلاده توصلت الى ادلة مقنعة بان ابن لادن كان يسعى منذ فترة الى اقتناء اسلحة كيماوية لاستخدامها ضد الاميركيين في انحاء العالم. وقال ان القوات الاميركة قصفت مصنع "الشفاء" الكيماوي شرق الخرطوم الذي قال انه يُستخدم لانتاج اسلحة كيماوية منها غاز الاعصاب في اكس. واشار الى "الروابط القوية بين ابن لادن والحكومة السودانية". في سياق آخر نُسب امس الى الفلسطيني محمد الصادق عودة، المعتقل في كينيا للاشتباه في تورطه في تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي ودار السلام، قوله ان العملية خطط لها المصري علي صالح احد قياديي "جماعة الجهاد". وجاء كلامه في وقت أكد وزير الاعلام الباكستاني مشاهد حسين لپ"الحياة" أمس رفض بلاده ان تستخدم اي قوة اجنبية اراضيها منطلقاً لتحرك ضد افغانستان، في اشارة الى احتمالات عملية اميركية ضد رجل الاعمال العربي اسامة بن لادن المشتبه في تورطه بالتفجيرات الاخيرة في نيروبي ودار السلام. وقال مشاهد حسين، القريب من رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف: "لا نقبل بأن تستخدم اراضينا او قواعدنا العسكرية. ولن نسمح لأي قوات اجنبية باستخدامها ضد افغانستان". وكان الوزير يتحدث في السعودية التي وصل اليها امس للقاء ابناء الجالية الباكستانية المقيمين هناك. وقال مسؤول حكومي باكستاني رفيع المستوى لوكالة "اسوشيتدبرس"، امس، انه اطلع على الاعترافات التي ادلى بها عودة في باكستان قبل تسليمه الى كينيا في 14 آب اغسطس الجاري. وكان عودة اعتقل في مطار كراتشي في 7 آب بعد اكتشاف ان جواز سفره اليمني مزور. وقال المسؤول ان عودة ابلغ المحققين ان علي صالح مصري الجنسية وأحد القريبين من اسامة بن لادن، وانه صالح قاد "الجماعة الارهابية لابن لادن في افريقيا". ونسب الى عودة اعترافه بأن التخطيط لتفجير السفارتين بدأ في تموز يوليو الماضي. وقال المسؤول الباكستاني انه يتم التحقيق حالياً مع سعودي وسوداني في قضية تفجير السفارتين. لكنه قال ان المتوقع ان يتم اطلاقهما او ترحيلهما لتعذر العثور على دليل يدينهما. وأشارت "اسوشيتدبرس" الى ان عودة ابلغ المحققين انه صمّم المتفجرات التي استخدمت فقط في الاعتداء على السفارة الاميركية في دار السلام. وقالت ان عودة من ابوين فلسطينيين، وهو من مواليد آذار مارس 1965، التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية خلال دراسته في الاردن، وحصل على شهادة في الهندسة في الفيليبين قبل ان ينتقل في 1990 الى افغانستان للقتال مع "المجاهدين". وهناك تعرّف على ابن لادن الذي ارسله - بحسب "الاعترافات" - في 1994 الى كينيا لضرب المصالح الاميركية في افريقيا. وقالت الوكالة ان عودة اخبر المحققين الباكستانيين انه متورط في قتل بلجيكيين اثنين من قوة الاممالمتحدة في الصومال. اجتماع موسع في غضون ذلك، اوضحت مصادر سياسية باكستانية لپ"الحياة" ان اسلام آباد تشعر بأنها في ورطة عقب التفجيرات الاخيرة في افريقيا، وذلك لوجودها في تقاطع طرق. وهي تتخوف من ان توجيه ضربة ضد ابن لادن انطلاقاً من اراضيها او تسهيلات باكستانية سيتسبب بمتاعب داخلية. وأكدت مصادر باكستانية مطلعة ان "الاعترافات" التي نسبتها صحف باكستانية اليه "صحيحة" اذ ان مسؤولين في جهاز الاستخبارات هم الذين وزعوها على الصحف. وأكد المصدر الباكستاني لپ"الحياة" ان بلاده لم تتسلم طلباً اميركياً محدداً لتقديم تسهيلات لعملية متوقعة. لكنه لم يستبعد ان يصل طلب من هذا النوع في الساعات الپ24 المقبلة. وتحدثت مصادر في اسلام اباد لپ"الحياة" عن معلومات متداولة في الاوساط الامنية الباكستانية عن رصد تنقلات للعرب التابعين لابن لادن بين مقارهم في قندهار وجلال اباد وقواعدهم المحصنة في ولاية بكتيا الجبلية. ولم تستبعد المصادر ان يكون هناك تخطيط لاجتماع موسع للناشطين يحضره ابن لادن شخصياً، ملمحة الى ان الاميركيين قد يكونون على علم بهذا الاجتماع