ضيوف أم رهائن؟ كان ذلك هو السؤال الاساسي طوال يوم التاسع عشر من آب 1990، اي بعد اقل من ثلاثة اسابيع على غزو القوات العراقية الأراضي الكويتية. وكان السؤال يتعلق، بالطبع، بألوف المواطنين الاجانب الذين احتجزتهم السلطات العراقية، لا سيما في الكويت، وقرر الرئيس العراقي صدام حسين ان يبقى محتفظاً برعايا "الدول المعتدية" عليه، من بينهم. غير ان صدام حسين لم يعتبرهم رهائن بل ضيوفاً. مهما يكن، فان استضافتهم كانت من النوع الغريب، النوع الذي يجعل الضيف رهينة لا اكثر. خصوصاً ان عدداً كبيراً منهم تمت "استضافته" داخل وقرب العديد من المواقع الاستراتيجية، عسكرية كانت ام مدنية، في الكويت وفي العراق. واعلنت السلطات العراقية، وغالباً بشكل موارب انهم سيظلون مقيمين هناك، طالما بقي التهديد الاميركي والغربي بشن الحرب قائماً. كانت الصورة الجديدة لأزمة الخليج في ذلك اليوم، صورة المئات من الرعايا الاجانب، ملحقين بالقواعد الجوية وبمصافي النفط. وكانت السلطات العسكرية العراقية طلبت، طوال اليومين السابقين من الرعايا البريطانيين والاميركيين الموجودين في الكويت ان يتجمعوا في احد الفنادق الكبيرة في المدينة. على الفور تحرك مجلس الامن الدولي وأصدر قراره الرقم 664 الذي يطلب من العراق ان "يسمح ب، ويسهل الرحيل الفوري لمواطني الدول الاجنبية بعيداً عن الاراضي الكويتيةوالعراقية". الرد الاول الذي جاء من العراق فحواه انه لا يعتبر الرعايا المصريين الموجودين في الكويت وعددهم يزيد عن المليون حسب تقديرات تلك المرحلة معنيين بالامر. اما رعايا الدول الغربية فان سراحهم لن يطلق قبل ان يلغى الحظر والحصار المفروضان على العراق واللذان كان من شأنهما - حسب العراق - ان يجيعا الاجانب والعراقيين سواء بسواء. وقال صدام حسين انه مستعد لترك الاجانب يرحلون ان تعهد جورج بوش، الرئيس الاميركي، بسحب قواته من الخليج. على الفور رفض البيت الابيض تلك الاقتراحات معلناً، بصوت الناطق باسمه، ان "السلطات العراقية تعطي للعالم امثولة يومية في السخافة". اما الرئيس الاميركي جورج بوش، فانه سارع الى قطع الاجازة التي كان يمضيها في ولاية "مين" وعاد الى البيت الابيض حيث ترأس اجتماعاً لمجلس الامن القومي، اعلنت الولاياتالمتحدة على اثره ان "نقل الرعايا الاجانب" الى المواقع الاستراتيجية "أمر لا يمكن القبول به". والطريف ان بوش، مثله مثل صدام حسين، كان يصر حتى ذلك الحين على عدم وصف الرعايا المحتجزين بپ"الرهائن"، وذلك لأنه لم يكن بأي حال من الاحوال يريد ان يذكر الشعب الاميركي المرتعب بما حصل لرهائن اميركيين آخرين في طهران قبل ذلك بأكثر من عشر سنوات. غير ان الامر انتهى بالمسؤولين الاميركيين الى الاذعان للامر الواقع واستخدام كلمة "رهائن" خصوصاً بعد ان تجرأ توماس بيكرنغ ، مندوب واشنطن في الاممالمتحدة، على استخدام الكلمة، ثم اعلن البيت الابيض، ان المندوب انما يتحدث باسمه الشخصي. مهما يكن، فإن الأزمة كانت في تلك اللحظة استفحلت إلى درجة جعلت بوش يشبه صدام حسين بهتلر، في الوقت الذي كان فيه البيت الأبيض يصادر 38 طائرة مدنية للتعجيل في ارسال القوات الأميركية إلى المنطقة. صدام حسين من جهته، راح يستخدم الرعايا الأجانب كورقة ضغط، وراح يتفنن في استخدام أجهزة الاعلام العالمية في ذلك، غير مدرك أنه بذلك قد ساهم مساهمة أساسية وحاسمة في تأليب الرأي العام العالمي ضده وفي تسهيل مهمة جورج بوش. والحال ان الصورة المرفقة بهذه النبذة والتي تصور صدام حسين يربت بيده على رأس طفل أجنبي "رهينة"، فيما الطفل ينظر إليه بعينين جمدهما الرعب، ساهمت في كل ذلك مساهمة أساسية، وجعلت جورج بوش قادراً على أن يتحرك بحرية أكثر، حين كان تعليق الناس على الصورة أنه "حتى ستالين وهتلر حين كانا يتصوران مع الأطفال، كان الأطفال يبدون سعداء معهما"