شدّد الرئيس اليمين زروال لدى استقباله السفير التونسي رؤوف سعيد اول من امس لمناسبة انتهاء مهمات منصبه على رغبة الجزائر في تحسين العلاقات مع تونس، فيما اكدت مصادر مطلعة ان استمرار التباعد في شأن ملفات عالقة بين العاصمتين يعطّل وضع العلاقات الثنائية على سكّة التطبيع. ونقلت الاذاعة الجزائرية عن زروال "ان الجزائر حريصة على تطوير العلاقات الثنائية والارتقاء بها الى مستوى اعلى"، الا ان العلاقات تشهد بروداً للعام الثاني بسبب تجميد المبادلات التجارية في اعقاب اصدار رئيس الحكومة الجزائرية السيد احمد اويحيى مرسوماً أخضع الصفقات التجارية مع تونس لترخيص مسبق من "بنك الجزائر" المصرف المركزي. وكذلك تدهور اوضاع مؤسسات اقتصادية مشتركة أنشأها البلدان في الثمانينات. وظهرت في الفترة الاخيرة مؤشرات الى احتمال تبديد السحب من سماء العلاقات الثنائية، بينها حضور شخصيات قيادية من خمسة احزاب جزائرية، اعمال المؤتمر الثالث للتجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم في تونس اواخر الشهر الماضي. وكذلك تعيين تونس وزير الشؤون الاجتماعية السابق السفير الحالي لدى النمسا سفيراً جديداً في الجزائر محل سعيد. لكن مصادر مطلعة اكدت ان عدم احراز تقدم في الملفات العالقة التي ناقشها وزير الدولة الجزائري للشؤون المغاربية حسان موساوي في تونس لا يجعل الطريق سالكة لتنشيط العلاقات الثنائية. وكان موساوي زار تونس في نهاية ايار مايو الماضي، واجتمع مع وزراء الخارجية والصناعة والتجارة، بالاضافة للوزير الاول الدكتور حامد القروي في محاولة لتعبيد الطريق امام عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة المؤجل منذ العام. الا ان مصدراً جزائرياً افاد ان الحلول للملفات العالقة "ما زالت غير ناضجة". وكانت اللجنة العليا عقدت دورتها الاخيرة في الجزائر في 1996 برئاسة القروي وأويحيى ووضعت اتفاقات ومشاريع لتطوير التعاون الثنائي لكنها لم تبصر النور. وكان لافتاً ان حركة تبادل الزيارات بين المسؤولين الحكوميين تراجعت الى مستوياتها الدنيا في العامين الاخيرين، ولم يزر تونس منذ مطلع السنة، سوى الموساوي، ووزير الداخلية السيد مصطفى بن منصور الذي رعى، الى جانب نظيره التونسي السيد علي الشاوش، الاحتفالات السنوية بذكرى الغارة الفرنسية على قرية ساقية سيدي يوسف التونسية خلال حرب الاستقلال الجزائرية. وقالت مصادر عليمة ل "الحياة" ان فريق العمل الذي شكلته الحكومتان برئاسة موساوي ونظيره التونسي السيد صادق فياله، والذي اجتمع مرتين، لم يتمكن من حلحلة الخلافات في القضايا الاربع التي درسها وهي تقرير مصير المشاريع المشتركة اما بانقاذها او بغلقها ومعاودة حركة التبادل التجاري وايجاد حلول لمشاكل اقامة الجزائريين في تونس وتسهيل امتلاكهم عقارات فيها. كذلك اجتمع خبراء في الشؤون الجمركية والتجارية من البلدين الشهر الماضي لمحاولة وضع صيغ جديدة تؤمن معاودة تنشيط المبادلات التجارية الثنائية، لكن يبدو ان عملهم يتقدم في بطء. ورأى مراقبون ان تأكيد زروال على الرغبة بتطوير العلاقات مع تونس وكذلك الخطوة التونسية المتمثلة بتعيين وزير سابق سفيراً لدى الجزائر ربما شكّلت مؤشرات الى احتمال تحسين العلاقات الثنائية وانهاء البرود الذي خيّم عليها 1996.