يُتوقع ان تبقى اسعار النفط ضعيفة لفترة طويلة بسبب ارتفاع طاقات الانتاج في مناطق عدة وتباطؤ الاستهلاك العالمي ما يضع دول الخليج امام خيار واحد لتجنب ازمة اقتصادية وهو تسريع برامج التصحيح الاقتصادي. ولفت محللون اقتصاديون الى الخطاب الذي القاه نائب الرئيس الاميركي آل غور الاسبوع الجاري وحذر فيه من تأثير تزايد انبعاث الغازات على المناخ العالمي في اشارة الى ضرورة الحد من استهلاك الطاقة خصوصاً النفط الخام. وقال الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون في اتصال مع "الحياة" ان هذا الخطاب "يدعم بقوة الاتجاه العالمي لفرض مزيد من الضرائب على النفط ما سيقلل من الطلب وبالتالي سيبقي الضغط على اسعار النفط". واضاف "طبعا هذه اخبار سيئة لدول الخليج التي لا تزال تراهن على دفع الاسعار الى اعلى من دون فائدة في الوقت الذي تخسر فيه حصتها في السوق...لذلك عليها التركيز على امور اخرى مثل كيفية تنفيذ برامج الاصلاح الاقتصادي وخصوصا بيعها المنشآت الحكومية للقطاع الخاص وزيادة الرسوم وجذب الاستثمار". وانخفضت اسعار النفط السنة الجارية الى ادنى مستوى لها منذ عشر سنوات ولا تزال ضعيفة على رغم قرار الدول المنتجة في "اوبك" وغيرها خفض الانتاج بنحو 6،2 مليون برميل يومياً. وبلغ متوسط سعر سلة "اوبك" من النفوط نحو 12 دولارا للبرميل حتى الآن اي اقل بسبعة دولارات عن العام الماضي واكثر من ثمانية دولارات عن عام 1996. وبما ان معدل انتاج دول مجلس التعاون الخليجي لم يتغير كثيرا عن مستواه البالغ 14 مليون برميل يومياً فإن ايراداتها قد تهبط بأكثر من 30 بليون دولار سنة 98 على افتراض تحسن الاسعار الى 13 دولاراً للبرميل في الربع الاخير. وقال الامين العام السابق ل "اوبك" بالوكالة فاضل شلبي ل "الحياة" ان اسعار النفط لن تزيد على 15 دولاراً للبرميل في السنوات المقبلة بسبب الفائض الكبير في السوق و ارتفاع طاقات الانتاج في عدد من الدول خارج المنظمة والازمة الاقتصادية الاسيوية. وذكر ان التوقعات تشير الى ان نمو الطلب العالمي على النفط سيبقى ضعيفا لأن "آسيا كانت دوماً القوة المحركة للطلب على النفط والازمة الاقتصادية التي تعاني منها والتي يُتوقع ان تستمر لفترة طويلة ستحد من هذا النمو بشكل كبير". وقال "ان منظمة اوبك لم تعد قادرة على ادارة الانتاج وباتت تعاني من تناقضات داخلية كثيرة لأن هناك دولاً تريد زيادة انتاجها على حساب دول الخليج... وكل هذه العوامل تعني ان العالم سيعيش فترة من الزمن تكون فيها اسعار النفط ضعيفة وهذا سيضع ضغوطا جديد على دول الخليج على المدى القصير ما قد يدفعها الى تكثيف خطط الاصلاح الاقتصادي". واشار شلبي، الخبير في مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن الى ان تحذير نائب الرئيس الاميركي الاخير "يعكس تزايد الاتجاه الدولي لفرض مزيد من الضرائب على النفط ما سيؤثر سلباً على نمو الطلب وبالتالي الاسعار". لكنه اوضح ان انخفاض اسعار النفط سيفيد دول الخليج على المدى البعيد اذ ان ذلك يعني تكثيف الاستثمار في قطاع الطاقة في المنطقة بسبب انخفاض تكاليف الانتاج في الوقت الذي تصبح فيه الاستثمارات في مناطق اخرى غير مجدية نظراً لارتفاع التكاليف. واتفق الخبير الاقتصادي السعودي احسان ابو حليقة مع الخبيرين من جهة احتمال بقاء اسعار النفط منخفضة وضرورة تسريع الاصلاحات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي. وقال ل "الحياة" انه "لم يعد احد يستطيع التكهن بما ستكون عليه اسعار النفط بسبب وجود عوامل كثيرة تؤثر في السوق." واضاف "لذلك يتحتم على دول الخليج الاستمرار ببرامج التصحيح الاقتصادي سواء تحسنت أسعار النفط ام لا". ورأى الخبراء ان على هذه الدول اعطاء الأولوية لتخصيص المؤسسات الحكومية و إزالة الدعم تدريجاً وفرض رسوم على الخدمات وبعض السلع وجلب التكنولوجيا بإزالة القيود على الاستثمار الاجنبي.