قد يكون الحسد وراء النكتة الانكليزية التي تقول ان فرن البيتزا هو أقصى ما توصلت اليه عبقرية الايطاليين في التكنولوجيا. فهم يحتلون المرتبة الثالثة بعد الولاياتالمتحدة وروسيا في بناء المحطة الفضائية الدولية الجديدة. وهناك مفاجآت اخرى ستكشف اليوم عند نقل أول أجزاء المحطة من شركة صناعة الفضاء الايطالية "إيلينيا" في مدينة تورين الى مطار كنيدي الفضائي في فلوريدا. وهناك مفاجأة تخص العرب، هي مساهمة عالم من لبنان وآخر من العراق في بناء المحطة، التي سيراها سكان الأرض تضيء كالنجم حين يرفعون رؤوسهم نحو السماء. ويجمع الايطاليون بين العلم والفن وروح النكتة في بناء أجزاء مهمة من المحطة، مثل مختبر "كولومبوس" والمحاور الفضائية وعربات الشحن الثلاث التي ستحمل الطعام وقطع الغيار من المحطة واليها. اطلق الايطاليون على عربات الشحن أسماء ثلاثة من أشهر فناني عصر النهضة الايطالي ليوناردو وأنجيلو ودوناتيلو، وهي أيضاً أسماء ثلاث سلاحف في فيلم الأطفال الأميركي المشهور "سلاحف الننجا". والنكات، كما يقال مثل الأجراس حول عنق الحصان، لا ترفع عنه الحمل لكنها تجلجل، إذ يركض بالحمل على ظهره. فالمحطة الفضائية التي ساهم في صنعها 16 بلداً مرت منذ بدء التفكير فيها عام 1983 بصراعات طويلة، وأوشكت على الهلاك مرات على يد الحكومات البيروقراطية التي لا ترى ربحاً مباشراً من المشاريع الفضائية. والآن اكتمل بناء أجزاء المحطة، ويتوقع أن يستغرق تجميعها في الفضاء الفترة حتى عام 2003. وتدشن المحطة التي تعادل في الحجم ملعبين كبيرين لكرة القدم، عصراً جديداً في الاكتشافات الفضائية واستيطان الكواكب. العالم الأميركي راندي برنكلي مدير المحطة قال ل "الحياة" ان مركبة "زاريا" وتعني "الفجر" بالروسية ستكون أول وحدة تُحمل الى الفضاء من مطار بايكونور الفضائي في كازاخستان في تشرين الثاني نوفمبر، يعقب ذلك اطلاق أول مركبة أميركية في المحطة، تحمل اسم "يونيتي" أي "الوحدة"، وتباشر عمليات تجميع المحطة في مدارها الثابت حول الأرض عند التحاق أول فريق بها يضم رائدين روسيين وآخر أميركياً صيف العام المقبل. وذكر برنكلي أن المحطة الفضائية ليست مقتصرة على الدول التي ساهمت في بنائها، بل مفتوحة لكل البلدان، إذ اضيفت أخيراً البرازيل ويجري حالياً اعداد رواد فضاء برازيليين. وأعلن مدير المحطة ترحيبه بمساهمة البلدان العربية، وقال ان تجربة بناء المحطة تقدم نموذجاً للتعاون الدولي خارج نطاق الفضاء أيضاً. فهي مختبر للبحوث في الصناعة والزراعة والطب والبيئة والطاقة. وسيتم فيها درس ظاهرة اضمحلال العظام الذي يرافق الشيخوخة ويصيب رواد الفضاء أيضاً، اضافة الى تطوير أدوية لعلاج الايدز والسرطان. ويمكن حساب المساهمة العربية الحالية في المحطة على روح النكتة الايطالية. فالدول العربية، حتى التي تملك رواد فضاء ليست لديها مشاريع في هذا الصدد. مع ذلك فان العالم اللبناني في وكالة الفضاء الايطالية جان لطفي الصباغ، مسؤول عن اللجنة الخاصة بفحص مرافق المحطة وتقويمها، والعالم العراقي الدكتور فلاح الاسترابادي مستشار مؤسسة صناعة الفضاء الايطالية "أيلينيا" ساهم في تطوير أنظمة البيئة لعربات الشحن الفضائية ليوناردو وأنجيلو ودوناتيلو!