أياً يكن خليفة رئيس الوزراء الياباني ريوتارو هاشيموتو فالثابت ان عليه المحافظة على النقاط الايجابية التي سجلها سلفه على الصعيد الدولي لمصلحة اليابان، خصوصاً وضع العلاقات مع روسيا على سكة التطبيع وتعزيز حضور اليابان في الشرق الأوسط والسعي الى الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن. صحيح ان هاشيموتو دفع ضريبة الاخطاء الداخلية الفادحة التي ارتكبها بانزلاقه الى مستنقع الصراعات الحزبية، اذ اغرق حكومته في الفضائح وأضعف صدقيتها، ما انعكس سلباً في اداء الاقتصاد وقاد الى اخطر ازمة شهدتها اليابان في العقدين الاخيرين. ولا يمكن للخلف الا ان يتعظ من الدرس الذي لقنته صناديق الاقتراع للسلف المخاتل، اذ اراد هاشيموتو ان يثبت للمعارضة والكتل المتصارعة في حزبه انه مناور بارع، لكن انشغاله بالمناورة ألهاه عن انتشار الاوبئة في الجسد المصرفي والمالي الياباني. ولما اطلت الأزمة برأسها كابر ورفض الاعتراف بخطورتها، ولما اضطر للاعتراف وباشر تنفيذ اجراءات اصلاحية كان الأوان فات، فعصفت الازمة به وبطاقمه الحكومي. المرجح ان سلفه لن يعمّر طويلاً لأن السبب المباشر لسقوط هاشيموتو هو هزيمة حزبه في انتخابات مجلس الشيوخ. فاليابانيون لم يقترعوا ضد رئيس الوزراء وحده بل ايضاً ضد الحزب الديموقراطي الليبرالي الحاكم، ما يجعل شعبية الخلف هشة، كونه لا يجسد البديل الذي ينتظره الناخبون وتتمناه الأوساط المالية والصناعية المتضررة من أداء الحزب الحاكم. ربما يشفع لخلف هاشيموتو اذا استطاع ان يفرض لنفسه نوعاً من الكاريزما ان توازنات اللعبة السياسية اليابانية منذ الحرب العالمية اعطت هيمنة مطلقة للحزب الديموقراطي الليبرالي الذي احتكر تشكيل الحكومات باستثناء فترات قصيرة. ونجاح رئيس الوزراء في بلد يفتقد المواد الأولية سيتوقف على مدى التقدم في اقامة شراكة استراتيجية مع روسيا محورها استثمار مصادر النفط والغاز في المناطق الشرقية الروسية، بعد فصل الخلاف على الجزر عن المصالح الاقتصادية. وربما يحتاج رئيس الوزراء المقبل في ظل الازمة الصعبة التي تمر فيها اليابان، الى ان يكون ايضاً شرق اوسطياً اكثر من اسلافه، كون الاقتصاد بات مفتاح الأزمة السياسية كما لم يكن في اي وقت.