} السيد رئيس التحرير بعد التحية، أود في الرسالة هذه التعليق على ما كتبه السيد قصي الحسين في "الحياة" الغراء بتاريخ 11/6/1998 في نقده المحقق المرحوم عبود الشالجي لنسبته كتاب "الرسالة البغدادية" إلى الأديب الفيلسوف ابي حيان التوحيدي. وقد تضمن مقال الحسين نقداً قاسياً فيه الكثير من الظلم والتجني على الشالجي، كما أنه استعمل لغة لا تليق بالباحثين الموضوعيين، وليس للشالجي ذنب سوى ان اجتهاده قاده إلى نسبة الكتاب إلى ابي حيان التوحيدي بدل ابي المطهر الأزدي الذي يعتقد السيد الحسين بأنه مؤلف الكتاب. وبدل أن يفند كاتب المقال حجج الشالجي، اتهمه بتزوير التراث وانحاله لآخرين، كما اتهمه بارتكاب جريمة أدبية وأنه ضيّع مكانة الكتاب القيمة بين الآثار العربية وقال عنه بأنه من الضعفاء الذي يستبدون بآثار العلماء! إن الشالجي - الذي حقق وألف عدة كتب - لم ينسب الكتاب إلى ابي حيان التوحيدي جزافاً بدل نسبته إلى ابي المطهر الأزدي، بل انه اعطى لذلك أسباباً هي، في اعتقادي، أسباب قوية. وإلى جانب تجني كاتب المقال على الشالجي، فهو لا يعطي دليلاً واحداً على اثبات أن الكتاب من تأليف ابي المطهر الأزدي، بينما طبيعة الموضوع تتطلب ذلك. كما أن الكاتب متهافت ومتناقض في نقده، فهو يذكر أن الشالجي لم يعط أسباباً لنسبه الكتاب إلى التوحيدي بقوله: "وإنه لمن العنت الشديد أن ينحل الكتاب الذائع "حكاية ابي القاسم البغدادي" فيسميه "الرسالة البغدادية" من دون أن يشرح لنا الأسباب التي دعته إلى ذلك. وهذا مؤلم للغاية"، بينما يقول في مكان آخر "وبعد ذلك يذكر الشالجي ان صاحب الرسالة لم يصرح باسمه ويقرر أن صاحبها هو أبو حيان التوحيدي للأسباب التي ادعاها"، وهذا تناقض واضح لا يحتاج إلى دليل. كما أن الكاتب استعمل مفردات في غير معناها الصحيح فهو يصف "العنت" بالشديد، مع أن كلمة "العنت" نفسها تعني "الشدة" و"الأمر الشاق" ويكون معنى العبارة بذلك "الشدة الشديدة". كما جاءت في مقاله عبارة "للأسباب التي ادعاها" أي الشالجي. وهنا أيضاً خانه التعبير، إذ أن الأسباب عادة لا تدعى، بل انها تعطى وتقدم، والادعاء إنما يكون لأمر أو قضية. وكذلك قال أثناء نقده للشالجي عما قام به "ان فيه الكثير من الرخاصة العلمية". وهو يقصد بالرخاصة هنا "الرخص" و"الرخيص". والحال أن كلمة الرخاصة هنا لا تعني ذلك على الاطلاق، وإنما تعني "النعومة والرقة واللين". ولما كان من الأدلة التي قدمها المحقق الشالجي لنسبة الكتاب إلى ابي حيان التوحيدي هو ان اسلوب الكتاب هو اسلوب ابي حيان التوحيدي، إذ هو لا يختلف عما في مؤلفاته الأخرى، فلا بد لمن يتصدى لدحض ذلك أن تكون حصيلته من لغة التراث ومعرفته بها وفهمه لها بمستوى يؤهله للحكم فيها.