قبل ثلاثة اسابيع فقط من انهاء البرلمان الاسرائيلي الكنيست دورته الصيفية ودخوله في اجازة، عادت الحلبة السياسية الاسرائيلية الى المربع الأول في جدلها حول مسألة اعادة الانتشار من الأراضي الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل، وكأن شيئاً لم يحدث خلال الثمانية عشر شهراً الماضية. فبعدما اشاع بنيامين نتانياهو جواً "تفاؤلياً" حول قرب موعد التوصل الى اتفاق مع الاميركيين، على الأقل بشأن اعادة الانتشار، الأمر الذي اكدته وزيرة الخارجية الاميركية نفسها مادلين اولبرايت قبل ثلاثة ايام، عاد اركان ما يسمى "المطبخ السياسي" الاسرائيلي بعد عام ونصف العام من النقاش، الى جدلهم العقيم حول نسبة مساحة الأراضي الفلسطينية التي سيقبلون بالانسحاب منها. وعاد نتانياهو أيضاً فأبلغ اولبرايت اعتراضه الشخصي واعتراض وزير البنية التحتية ارييل شارون على نسبة 13 في المئة. وأضاف نائب نتانياهو الوزير موشيه كتساف في تصريحات له امس انه "لا يجوز الضغط على الحكومة الاسرائيلية بسبب عامل توقيت التوصل الى اتفاق"، في اشارة الى اقتراب موعد دخول الكنيست الاسرائيلي في اجازته الصيفية، الامر الذي سيحول دون التصويت على الاتفاق العتيد اذا تم التوصل اليه اصلاً قبل نحو شهرين من الآن. وقال كتساف في اشارة الى الاتصالات المكثفة التي اجرتها اولبرايت مع نتانياهو في الأيام الماضية، وكان آخرها الاتصال الهاتفي مساء الخميس، انه "طالما لم تتم الاستجابة لما سمّاه بالمطالب الجوهرية لحكومة اسرائيل فلن يكون اتفاق". اما حزب المفدال اليميني المتدين فخرج امس بمشروع قرار سيقدمه الى الكنيست الاسرائيلي خلال اليومين المقبلين، يقضي بوجوب التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين يشمل المرحلتين الأولى والثانية من اعادة الانتشار معاً. وقال النائب من المفدال حنان بورات الذي اعد المشروع ان العديد من اعضاء الحكومة الاسرائيلية يؤيدونه، معرباً عن ثقته بأنه سيلقى تأييد الغالبية في الكنيست. وقال زعيم المعارضة العمالية ايهود باراك، بعد لقاء مع نتانياهو، امس، "ان الانسحاب لن يكون في الوقت القريب". وخرج زعيم حركة ميرتس اليسارية يوسي سريد بعد لقائه مع امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس ابو مازن بتصريح مفاده ان نتانياهو "لا ينوي الانسحاب" من الأراضي الفلسطينية. وقال سريد ان نتانياهو "سيأخذ في نهاية الامر قراراً احادي الجانب من دون الاتفاق مع الفلسطينيين اصحاب الشأن بإعادة انتشار الجيش، يلقى موافقة شركائه اليمينيين في الحكومة". وتنبأ سريد بزيارة وشيكة للمبعوث الاميركي الخاص للمفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الى المنطقة دنيس روس قال انها "لن تلقى نجاحاً". وقالت المحافل السياسية في اسرائيل، امس، ان "الغموض والضبابية" يكتنفان العملية السياسية في الوقت الراهن. وفي هذا السياق، طلبت وزيرة الخارجية الاميركية على وجه السرعة حضور المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ونبيل شعث الى واشنطن. وطار عريقات وشعث فجر الخميس، بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وأولبرايت في ساعة متقدمة ليل الخميس. وكثرت التكهنات امس عن ان الادارة الاميركية ستبلغ المفاوضين الفلسطينيين تخليها عن مبادرتها التي لم تر النور بسبب نتانياهو، او على احسن تقدير قد تطرح عليهما "تعديلات" يجب ادخالها على هذه المبادرة