السيد المحرر تحية وبعد لم يُدهشنا دفاع الاستاذ جهاد الخازن في "حياة" الاثنين 15/6/1998 عن الاخ ابي عمار، وان كان قد قال: "ليس هذا دفاعاً عن ياسر عرفات". ذلك ان هذه الحقبة الضبابية من تاريخ أمتنا العربية، تفرض على كل فلسطيني، وكل عربي، وكل مسلم، وكل حرّ في العالم، ان يقف الى جانب أبي عمار، لأن كل "نتن ياهو" وكل صهيوني، وكل متصهين، يقف اليوم ضد ابي عمار. ولكن الذي أدهشنا ان يُزجّ بالشيخ احمد ياسين، في "مستنقع" المتصارعين على خلافة ابي عمار ويكون ذلك في عدد "الحياة" الذي كان ابرز عناوينه، ما اعلنه الشيخ احمد ياسين من عدم مشاركة حركة "حماس" في حكومة فلسطينية. وفي تفصيل الخبر قال الشيخ ياسين ل "الحياة" في الخرطوم: "ان حماس التي تعارض اتفاق اوسلو، لن تشارك فيما ينبثق عنه". فاذا كان الشيخ ياسين يرفض ان يشارك في الحكومة الفلسطينية، لعلمه ان اهم بند في برامجها، هو الالتزام باتفاقات اوسلو، فكيف تراه يقبل ان يخلف السيد ياسر عرفات، ويكون بذلك رئيساً لفريق اوسلو؟ هذا اذا افترضنا - جدلاً - ان الشيخ احمد ياسين، سيمتد به الاجل الى ان يشهد معركة خلافة ابي عمار الذي نعرف جميعاً انه من طويلي الاعمار. وأما بقية مقال الاستاذ جهاد الخازن فلنا عليها ملحوظات لا نظن ان صدره يضيق بها، فهو يضرب هنا ويتلقى هناك، دون ان نعرف ان كان مادحاً ام قادحاً. ومن تلك الملحوظات قوله في معرض غمزه بالشيخ احمد ياسين - من غير قصد طبعاً: "وقد استقبل في بعض الدول العربية استقبالاً لم يحظ به ابو عمار نفسه". وكان على الاستاذ جهاد الخازن ان يبرر ذلك، فأبو عمار رجل سلطة، والشعوب غير معنية بالاحتفاء برجال السلطة، وخصوصاً في عالمنا العربي، حيث تقل مساحة الحرية التي يمنحها رجال السلطة للشعوب. اما الشيخ احمد ياسين، فهو رجل شعبي مجاهد، مما يجعل شعوب البلاد التي زارها تتسابق للاحتفاء به، خاصة وانها زيارته الاولى لتلك البلاد، ثم ان للرجل رصيداً من الكفاح الطويل ضد اعدى اعدائنا، ثم انه لا يزال يرفع راية ذلك الكفاح. ومن الملحوظات - ايضاً - على مقال الاستاذ جهاد الخازن قوله: "فاسرائيل لن تُهزم بحرب شاملة او بعمليات فدائية، ولا سبب منطقياً او عملياً يمكن ان يدعم هذا المنطق"، فيا سبحان الله لهذا المنطق العجيب! أدهشنا "صاحب العيون والآذان" بهذا المنطق التثبيطي الخطير، فاذا كانت اسرائيل لن تهزم بحرب شاملة، فلم يحشد العرب كل هذه القوى وكل هذه الجيوش، ويكدسون كل هذه الاسلحة؟ ولم تبذلون انتم يا رجال الاعلام كل هذه الجهود لايقاظ الامة من سباتها العميق، ودفعها نحو مواجهة خصمها الصفيق؟ ان اسرائيل يا أبا بسام، دولة كأية دولة، معرّضة للانتصار والانهزام. وشعبها - ونحن نسميه شعباً من باب التجاوز، لانه مجموعة من المتنافرين حضارة ولغة واعتقاداً - هو كأي شعب يمكن ان ينتصر كما يمكن ان ينهزم. ولن أجادلك بمنطق القرآن الكريم الذي يقول فيه ربّ العالمين: "وتلك الايام نداولها بين الناس"، لكني اجادلك بمنطق التاريخ القديم والحديث، فهل بقي فيه شعب من دون هزيمة؟ وهل استعصت فيه دولة على الزوال؟ وحتى لو استعصت اسرائيل - كما تقول - على الزوال، أيكون ذلك مبرراً للهروب من الجهاد ضد ما تقوم به من عربدة واحتلال؟ نحن على يقين ان الاستاذ جهاد لا يعني هذا المفهوم، لأنه يعرف من التاريخ كم من خلائق كانوا اقوى من اسرائيل وبادوا. كما اظنه لا ينسى ما اتخذته "الحياة" رمزاً لها من قول امير الشعراء: "إن الحياةَ عقيدةٌ وجهادُ". واقبلوا شكري واحترامي المحرر: جهاد الخازن يشكر الدكتور صيام على رسالته كلها، بما فيها من معارضة لمقاله او اعتراض، ويشكره بخاصة على تهذيبها بالمقارنة مع رسالة السيد محمود عباس التي سبق نشرها. ونقطة واحدة ايضاً فالمقال لم يقل ان الشيخ احمد ياسين طرح نفسه خلفاً للسيد عرفات، وانما الواقع هو ان اسمه مطروح ويتردد، ولا نعتقد ان الدكتور صيام ينكر ذلك.