بدأ الخلاف بين رئيس الحكومة الجزائرية السيد أحمد اويحىى والجنرال محمد بتشين مستشار الرئيس الجزائري يظهر الى العلن أكثر فأكثر. وأكدت مصادر قريبة من رئاسة الجمهورية لپ"الحياة" ان وزير العدل محمد آدمي التقى، بناء على طلبه، بتشين ليبحث معه في ملف تلقاه من رئاسة الحكومة. وأكدت مصادر ان هذا الملف يتعلق ببتشين ونفوذه في ولايات شرق الجزائر. وبحسب هذه المصادر فإن الهدف من الخطوة قد لا يكون الوصول الى العدالة، وانما "مجرد سيناريو" أراد به أويحيى وضع حد للطاقم الذي يقوده بتشين والذين طعن مراراً في حصيلة العمل الحكومي. وقادت الحملة صحيفة "الأصيل" التي يكتب فيها يومياً الصحافي المعروف سعد بوعقبة، عموداً بعنوان "نقطة نظام" يسلط الضوء على الممارسات الخاطئة لرئيس الحكومة. وكان من نتائج الملف الذي نقله وزير العدل الى بتشين اختفاء هذا العمود اليومي. واتصلت "الحياة" برئيس تحرير "الأصيل" هاتفياً لمعرفة السبب، لكنه رفض التعليق بحجة ان القضية داخلية. وكان رئيس تحرير "الأصيل" الذي عين قبل أقل من شهرين يعمل في طاقم حكومة مولود حمروش ثم عمل في "صوت الأحرار" التابعة لجبهة التحرير الوطني. يذكر ان أويحىى اجرى اتصالات مع التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية وحركة النهضة، وتلقى منهما موافقة مبدئية على المشاركة في حكومة تحالف وطني تضم خمسة أحزاب، هي إضافة اليهما، احزاب الائتلاف الحالي التجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم وجبهة التحرير. لكن خلافاته مع بتشين جعلته ينطلق في الهجوم قبل تقديم التشكيلة الجديدة للرئيس زروال. وبذلك تمكن رئيس الحكومة من تحقيق مكاسب، أولها ان الذكرى الأولى للائتلاف مرت من دون ضجيج، وثانيها انه استطاع ان يؤثر على الرأي العام، ويجعل زروال يرفض توقيع قانون التعويضات النيابية، وثالثها تأكيد ان سياسته الاقتصادية هي التي جنبت الجزائر جدولة ثالثة لديونها، على رغم ضغوط اميركية. وفي موازاة هذه اللوحة، ظهر السيد نورالدين بوكروح الذي ترشح للانتحابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر 1995 ولم ينل سوى 3.8 في المئة، وكتب في مقال نشر في صحيفتي "ليبرتي" و"الخبر" ان ما تم انتهاجه، منذ تشرين الأول نوفمبر 1995 ليس في نهاية المطاف مضاد للارهاب، بل منشط له... وتقوم سياسة الحكومة بتكسير كل ما تحقق مع قوات الأمن وهدمه". وبدأ بوكروح وهو رئيس حزب التجديد الجزائري الذي فشل في الحصول على مقعد واحد في مجلس الشعب والأمة في 1997، حملته على الحكومة بمقال ضد "قانون تعويضات النائب". وذهب الى توقع "نهاية مؤلمة للمجالس المنتخبة". ثم كرر في مقال آخر الطعن في سياسة الحكومة. واعتبر، في مقابلتين نشرتهما صحيفتا "الوطن" و"لو سوار دالجيري" ان سبب الأزمة هو بتشين، وذكره بالأسم. وقال ان "فترة الرئيس الشاذلي بن جديد والجنرال العربي بلخير، ليست أسوأ من فترة الرئيس زروال والجنرال محمد بتشين". ويفسر بعض المراقبين هذه الحملة الاعلامية المنظمة على اويحيى وبتشين بأنها دعوة لزروال الى التخلي عنهما. ويربط هؤلاء هذا التفسير بلقاءات متكررة عقدها بوكروح مع ضباط في الأمن العسكري. وأكد بوكروح لپ"الحياة" انه يريد "ان يفضح الممارسات التي تسيء الى الديموقراطية" و"التجار الكبار" الذين تحميهم الحكومة، في الوقت الذي تطارد التجار الصغار. في موازاة ذلك أعلن حزب التجديد الجزائري الذي يرأسه بوكروح أنه أقام دعوى لدى عميد قضاة التحقيق، على "الوسيط" الذي نقل للسيد جيلالي سفيان الأمين العام للحزب الساكن في "شاليه" في نادي الصنوبر مقر الاقامة الرسمية للحكومة "تهديدات ضابط كبير". وبحسب بيان للحزب نشرته صحف جزائرية أمس، زار شخص يشغل منصب الأمين العام لاحدى الشخصيات البارزة في أجهزة الحكم، سفيان كصديق قديم له في سيارة ضابط سام كبير في منتصف ليلة الاربعاء 17 حزيران يونيو الجاري، وأبلغه انه فتح تحقيقاً في أملاك اعضاء الحزب، وكذلك حول حياتهم الشخصية. وهددهم بالطرد من السكن والملاحقة القضائية. ولم يشر البيان الى اسم الضابط أو اسم الشخص الذي نقل اليه "التهديدات" لكنه لمح الى أنه معروف في أوساط "رجال الأعمال ورجال الدولة". وعقد الحزب اجتماعاً قيادياً في 18 من الشهر الجاري للتداول في الموضوع خصوصاً ان مكاتبه الجهوية تلقت تهديدات هي الأخرى، من أشخاص يعملون في مؤسسات الدولة. وتجنبت الصحف القريبة من الجنرال محمد بتشين مستشار الرئيس الجزائري الحديث عن بيان حزب التجديد، لكن صحيفة "لوتوتنتيك" أكدت أمس ان العدالة ستأخذ مجراها بالنسبة الى تصريحات بوكروح. وتتوقع مصادر مطلعة ان تشهد هذه القضية تفاعلات، خصوصاً ان صحيفة "الوطن" نشرت صورة لكل من بتشين وبوكروح. وأشارت الى الرمز الأول من اسم الجنرال بالنسبة الى "سيارة الضابط السامي"