رد الوزير المستشار في رئاسة الجمهورية الجزائرية الجنرال محمد بتشين امس على الاتهامات التي وُجهت الىه اخيراً ونُشرت على نطاق واسع في الصحف الجزائرية المستقلة. واعتبر بتشين ان الحملة علىه "ذات مضمون سياسي" و"ان المحرضين الحقيقيين على هذه الحملة يريدون الاستحواذ على السلطة. فهذا هو انشغالهم الوحيد". وجاء رد بتشين في ندوة صحافية اجراها مع صحيفتي "العالم السياسي" و"دومان للجيري" غداً الجزائر، ونُشرت على مساحة اربع صفحات وشكلت غلاف الصحيفتين اللتين توصفان بأنهما خاصتان. وحذر بتشين "الذين يتسترون في الظلام ويحضّرون السيناريوهات" بأنه "يتعين علىهم عدم التمادي في شد الحبل اكثر، لأنه قد ينقطع". ولوحظ ان الصحف الموالىة له مثل "الاصيل" و"لوتانتيك" لم تشر الى الندوة الصحافية، على رغم انها ستعيد نشرها غداً السبت. واعترف بپ"وجود تجاوزات وتعسفات". وبالنسبة الى موقفه من الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة، قال: "عارضت الاسلام السياسي المستعمل لأغراض حزبية. لأن مثل هذا الاسلام يعدّ من ألد اعداء الاسلام الحقيقي". واعتبر الاسلام السياسي مستورداً من "شبكات فعلىة منظمة ومبرمجة من طرف اوساط اجنبية للتوغل في مجتمعنا والنيل من شبابنا". وأكد انه ليس من انصار فرنسا ولا من انصار اميركا، وانه مقتنع اقتناعاً عميقاً "انه لا توجد ديموقراطية من دون حرية صحافة". وقال انه تقلد "مسؤولية مصالح الاستعلام داخل الوحدات القتالىة للقوات البرية اقل من عامين"، وانه أنشأ "معهداً عالىاً" في مجالي التكوين والتحليل وكان احد اساتذته السيد محمد بجاوي الخبير القانوني الدولي. وأبدى تحفظه عن كشف تفاصيل احداث 5 تشرين الأول اكتوبر 1988، مؤكداً ان أمن الدولة يقتضي ذلك على رغم مرور 10 سنوات على هذه الاحداث. واعترف انه يملك "امبراطورية"، قائلاً: "نعم انني امتلك امبراطورية. وانه من حقي ان أدافع عنها. ومستعد ان اضحي من اجلها". وبرر مصادر ثروته التي يتحدث عنها "المغرضون". وتحدث عما سماه بپ"قضية بتشين - بن عالىة" شريكه السابق في جريدة "الأصيل" واعتبر ذلك من اختصاص القضاء. اما في ما يتعلق بقضية علي بن ساعد الذي صدر ضده حكم بالاعدام، فانه قال: "هل من المعقول ان أبدي كل هذا الحقد على مواطن صرّح ذات يوم بعدم قبوله لا عباسي ولا بتشين". وهنّأ نفسه بالنهاية السعيدة لقضية بن ساعد وهي انتفاء الدعوى المرفوعة ضده. وعن السياسة الخارجية للجزائر، أعلن انه "يجب الا ننسى ان الجزائر توجد ضمن فضاء عربي، افريقي ومتوسطي ولها دور بارز يجب ان تضطلع به". ورفض كشف مرشح التجمع الوطني الديموقراطي للانتخابات، علماً انه احد قادة هذا الحزب. وقال ان هناك "هيئة مختصة بذلك" داخل الحزب تعلن اسم مرشحه لانتخابات الرئاسة. ولمّح الى ان اعداءه هم "دعاة قابلية الشعب الجزائري للاستعمار". وقال: "لعل التاريخ سينصفني ذات يوم". وأنهى حديثه بالمثل الجزائري "اذا أحمى رأس يبرد رأس" وهي اشارة الى وجود ملفات اخرى لآخرين. ويأتي هذا "الخروج عن الصمت"، عشية اعلان الناطق باسم الحكومة وزير الاعلام الاتصال السيد حبيب شوقي حمراوي ان وزير العدل السيد محمد أومي سيلجأ الى القضاء لمقاضاة بعض الصحف. وأوضح ان ما نشر في مقالات يمس "بصورة خطيرة" بأومي سواء في حياته الخاصة أو اداء مهماته، وان تصرفات بعض الصحف يبتعد في شكل خطير عن اخلاقيات الصحافة الحرة. وقال ان ما تنشره هذه الصحف لا يمكن ان يبرر بحرية التعبير او بترقية دولة القانون. وعادت الصحافة الجزائرية امس لتذكر بأحداث 25 حزيران يونيو لعام 1997 اثناء نقل 184 معتقلاً من الجزائر العاصمة الى غليزان غرب. وكيف "اختنق" 27 منهم بسبب سوء التهوئة. وأشارت الى التقرير الذي رفعه السيد كمال رزاق بارة في 26 تموز يوليو 1997 الى رئيس الحكومة السيد احمد اويحيى، وعدم اتخاذ اجراءات لمعاقبة المتسببين في هذه المجزرة. اما رد فعل الحكومة حول ما نشر فقد جاء على ما يبدو عبر ضغط المطابع على اربع صحف مستقلة لا تريبون، لوسوار والجيري، لوماتان، والوطن في مراسلة تسلمتها اول من امس هذه الصحف من شركات الطباعة لوسط الجزائر وشرقها وغربها تطلب تسديد كل المستحقات المترتبة علىها في اجل اقصاه 48 ساعة، والا تعرضت الى التعلىق. ونشرت 6 صحف امس بيان الناشرين المستقلين الذي يصف هذه المراسلات بپ"مناورة كبرى لاستفزاز الصحافة المستقلة".ولا تستبعد اوساط سياسية وإعلامية ان تتوقف الصحف المستقلة غداً احتجاجاً على "هذا السلوك" المناقض للاتفاق المشترك بين هذه المطابع والصحف. ولا تستبعد مصادر مطلعة ان يتواصل "نشر الغسيل" في الصحافة المستقلة لغاية رحيل الحكومة او حصول التعديل المرتقب فيها. وكان رويترز ضابط مخابرات كبير سابق اتهم بتشين أقرب مساعدي الرئيس الىمين زروال بأنه أشرف شخصياً على عمليات تعذيب ناشطين سياسيين واستعمل نفوذه لتكديس ثروة له ولافراد عائلته. ووردت اتهامات ضابط المخابرات السابق هشام عبود في رسالة مفتوحة نشرتها الاربعاء أهم ثلاث صحف يومية جزائرية وهي "الخبر" و"الوطن" و"لا تريبون". وقال عبود الذي كان يشغل منصب مدير مكتب بتشين الى ان اقاله الرئيس السابق الشاذلي بن جديد في مطلع التسعينات "أنه لا يشرف الجزائر ان تضم في مؤسساتها الرسمية شخصاً تتصدر فضائحه المالىة وتعسفه في استعمال السلطة الصفحات الاولى للصحف". وعدد عبود في رسالته المطولة اتهامات منها ان بتشين استخدم نفوذه للاستيلاء على فيلات حكومية اهداها الى ابنته وزوجها وقبول سيارات فارهة لقاء خدمات معينة وبناء شبكة واسعة من المصالح التجارية الخاصة. ومن أخطر الاتهامات في رسالته تلميحه الى ان رجالات من السلطة صفّوا خصومهم واتهموا الإسلاميين بقتلهم. ونقل عبود عن ضابط مخابرات في المنطقة العسكرية الخامسة: "تعرف يا هشام ان ليس هناك لا عدالة ولا شيء. رصاصة في الراس وقائمة الجيا الجماعة المسلحة دائما مفتوحة".