قبضت الشرطة الايطالية على ساحل مالاقا الاندلسي على عرّاب مافيا كوزانوسترا الهارب باسكوالي كونتريرا الذي يدير بلايين المافيا الصقلية ويشرف على غسيلها وتنظيفها عبر شبكة واسعة تمتد بين اوروبا والولايات المتحدة وشمال افريقيا. وتم القبض على كونتريرا بعد اقل من اسبوعين على اختفائه من وجه العدالة حيث استغل فترة افراج قصيرة إبان انتظار صدور الحكم النهائي عليه من محكمة النقض واختفى عن الانظار برفقة زوجته. كتب عرفان رشيد: تمكنت الشرطة الايطالية من القبض على كونتريرا بالتعاون مع الشرطة الاسبانية والانتربول بعد ان كاد هربه يودي بحياة حكومة اليسار او ضعضعة اوصاله، حيث تعرض رئيس الحكومة الايطالية رومانو برودي ووزيرا الخارجية والعدل، نابوليتانو وفليك، الى انتقادات ليس من اوساط المعارضة بل من شخصيات مهمة في التحالف الحاكم، لأنه جاء بعد هرب كونتريرا واختفائه بعد اسبوع واحد على اختفاء زعيم المحفل الماسوني الايطالي المحظور P2 ليتشو جيللي المتهم بالعديد من الجرائم والمؤامرات لقلب النظام الديموقراطي الايطالي في العقود الماضية. واعتبر هرب هذين المتهمين الكبيرين جيللي وكونتريرا بمثابة ضربتين قاضيتين وُجّهتا الى حكومة اليسار الايطالي بزعامة رومانو برودي الذي اضطر لمواجهة الازمة الى اقناع وزير العدل بالعدول عن الاستقالة التي قدمها بسبب هرب كونتريرا اذ اعتبر نفسه "مسؤولاً على الصعيد السياسي عن هذا الحادث". وكان كونتريرا قد اختفى من موقع اقامته الاجبارية قبل ساعات قليلة على وصول رجال الشرطة لايداعه السجن المؤبد بعد ان اصدرت محكمة النقض النهائية بحقه قراراً بالسجن مدى الحياة لتزعمه مافيا كوزانوسترا الصقلية في مدينة آغريجينتو جيرجينت. واستقبل المسؤولون الايطاليون نبأ القبض على كونتريرا بكثير من الفرح وقال وزير الداخلية الايطالي جورجو نابوليتانو: "لقد داوينا جرحاً مؤلماً كان ما يزال مفتوحاً"، وعلّق نائب رئيس الحكومة فالتر فيلتروني على نبأ القبض على كونتريرا بقوله: "لقد أنجزنا الخطوة الاول، والآن علينا القبض على ليتشو جيللي". وكانت الشرطة الاسبانية قبضت على كونتريرا في شاطئ مالاقا حيث كان يتجول برفقة زوجته "كسائح اسباني" على قدميه وليس على كرسي المعوقين كما كان في ايطاليا حيث أوحى بأنه مصاب بالشلل. وعندما طالبه رجال الشرطة الاسبان بالوثائق اجاب كونتريرا، وهو مغلق في كابينة تليفونات، انه "سائح اسباني لا يحمل معه وثائق". الا انه اضطر الى الاعتراف بكونه باسكوالي كونتريرا، عرّاب مافيا كوزانوسترا في مدينة آغريجينتو عندما وجد نفسه في مركز الشرطة الاسبانية في مواجهة ضابط من الشرطة العسكرية الايطالية فرقة - روس - المسؤولة عن مكافحة ومتابعة ومحاصرة عرّابي المافيا وضابط من الانتربول. وعبّر قائد فرقة "روس" الجنرال ماريو موري بالقول ان "عملية القبض على كونتريرا بعد اقل من اسبوعين على هربه، عملية رائعة ومهمة للبلاد، وذلك لأن اجهزتنا تمكنت من التحرك السريع والقبض على العرّاب دون الحاجة الى اعترافات من قبل مافيويين نادمين". واضاف: "ان هذه النتيجة مهمة للبلاد لأنها تعيد الثقة بالمؤسسات الدستورية وبقدرة اجهزة الامن على التحرك السريع. لقد مررنا في الايام القليلة الماضية في لحظات عصيبة ومؤلمة واعتقدنا اننا نستحق لحظات الفرح التي نشعر بها الآن". ومن حق الجنرال موري ان يعبّر عن سروره في هذه اللحظات، فقد تمكن رجاله من تحقيق هدفين كبيرين على صعيد مكافحة المافيا وملاحقة عرابيها المختفين. فقبل ساعات على القبض على كونتريرا تمكن رجال "روس" في باليرمو من القبض على العراب بينو غواستيلا 44 عاماً والمعروف بال "خنّاق" حيث كان يقوم بالقتل بطريقة الخنق. وعلى رغم السرعة الخارقة التي يعرف بها غواستيلا في استخدام المسدس، فان رجال "روس" استخدموا عنصر المباغتة فتمكنوا من تحييده في لحظة قيامه بحلاقة ذقنه، اذ لم يتمكن من استخدام المسدس، وقبضت الشرطة في مخبأ غواستيلا على فتاة قاصر 15 عاماً قيل انها مرتبطة بالعرّاب بعلاقة غرامية. وكان غواستيلا قد دخل عالم السرية قبل ثلاثة اعوام وكان بمثابة الذراع اليمنى للعراب ليولوكا باغاريلا - صهر العراب الاكبر توتو ريينا، وتمكن في السنوات الاخيرة من الصعود في السلم التراتبي - العائلي - المافيوي بشكل سريع ليصل الى احتلال موقع نيابة العرّاب المختفي بيرناردو بروفينسانو، وذلك بعد ان حاز على ثقة وتقدير العرّابين الكبار الذين يقبعون في السجون الايطالية وبالذات ريينا وباغاريلا