يقترب الكونغرس الأميركي من إصدار تشريعات من شأنها توسيع أطر حماية حقوق الملكية الفكرية لتشمل المعلومات الفورية، على أمل أن يكون أول من يتخذ اجراءات فعالة في العالم كله في مجال حماية المبتكرات والابتكار في عالم الاتصالات الالكترونية كافة بعدما باتت مسألة هذه الحماية موضع مناقشات حامية وجدال متواصل. وتسعى التشريعات، التي تهدف إلى التوصل إلى معاهدة دولية تُطبق بنودها في مجال الحقوق الرقمية، إلى حماية مالكي الحقوق الفكرية، فيما تسعى أيضاً إلى تحديد مسؤوليات مقدمي خدمات انترنت وحصرها وهم الذين يخزنون ويبثون أو يصلون ما بين المتجولين في انترنت من جهة وبين المواد المنقولة على نحو غير قانوني من دون أن يعوا كنه ما يفعلون، أي من دون تعمد منهم، من جهة أخرى. طرح وعندما طرح مشروع هذه التشريعات العام الماضي، كطريق لوضع معاهدتين موضع التنفيذ بعدما أقرتهما منظمة حماية حقوق الملكية الفكرية العالمية، لاقى معارضة شديدة من عدد كبير من الفئات التي خشيت أن تتعدى التشريعات على حقوق عدد كبير من مستخدمي المواد المحمية قانونياً على نحو منصف ومقبول، فالمسؤولون عن المكتبات العامة والمربون، على سبيل المثال، أعربوا عن خشيتهم من أن تحول التشريعات الجديدة بينهم وبين المشاركة في الأبحاث ونسح نُسخ رقمية أو استخدام أجهزة الكومبيوتر في الربط بين غرف التدريس المختلفة. وأعرب آخرون عن قلق من إصدار تشريعات تحرِّم استخدام تكنولوجيات خلط المعلومات ومزجها، أي تشفيرها، وهي تكنولوجيات تستخدم لحماية نسخ رقمية عن النصوص والموسيقى والبرامج من دون الاستئذان من صاحب الحق الفكري فيها. ومن شأن التشريعات أيضاً ان تحرم قانونياً استخدام الأجهزة التي بوسعها فك هذه الرموز الحامية الواقية. وقال المبرمجون وقتها إن من شأن التشريعات المقترحة ان تحرم عليهم قانونياً فك رموز منتجات المنافسين لهم لضمان أن تعمل مختلف البرامج معاً. وأعرب أولياء الأمور عن خشيتهم من أن تحرم التشريعات استخدام الأدوات التي ترصد عادات أولادهم المرتبطة بالتجوال في انترنت. أما الذين يغارون على الخصوصية والحرية الفردية، فقد قالوا وقتها إن التشريعات المقترحة ستمنعهم من إبطال مفعول ما يسمى ب "البسكويتات"، وهي علامات الكترونية تضعها الشركات على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالذين يزورون مواقعها على انترنت. وبعد أسابيع من المفاوضات تبنت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي صيغة من التشريعات ترمي إلى اعفاء من سبق ذكرهم وآخرين عديدين، من أصحاب الاستخدام المنصف البريء، من أحكام التشريعات. لكن البعض لا يزال قلقاً حيال ما لم تتضمنه التشريعات الجديدة إما عمداً أو اغفالاً غير متعمد. تشفير ومن الاغفالات اللافتة للنظر في التشريعات الجديدة إعفاء أية أداة تستخدم في الابحاث الخاصة بالتشفير أو خلط المعلومات ومزجها. وتتستخدم هذه التكنولوجيا في حماية خصوصية البريد الألكتروني واتصالات كومبيوترية أخرى. ويقول جون شيبل ان افتقار التشريعات الجديدة إلى اعفاء من هذا القبيل "سيمثل عقبة جدية" أمام العلم الخاص بأمان الكومبيوتر. وشيبل هو نائب رئيس جمعية العاملين في القطاع الكومبيوتري وقطاع الاتصالات كافة، ومستشارها العام، وهي جمعية تجارية مثل النقابات. ويقول زعماء مجلس الشيوخ إنهم لا يزالون يأملون في التوصل إلى تسوية بخصوص الأبحاث الخاصة بالتشفير. لكن شيبل يقول، مع ذلك، إنه يبقى قلقاً حيال المبدأ الأساسي وهو تحريم استخدام الأجهزة بدلاً من التركيز على عملية نسخ المواد على نحو غير قانوني أو العزم على القيام بعمل من هذا القبيل. لكن هيلاري روزن، رئيسة جمعية العاملين في قطاعات التسجيل الأميركية وكبيرة المسؤولين التنفيذيين فيها، التي تدعم التشريعات الجديدة وتؤيدها، تقول إن القلق الذي يعرب عنه من أمثال شيبل "فلسفي أكثر مما هو عملي". ومن التسويات المفتاح التي تمّ التوصل إليها هو الاتفاق بين مالكي الحقوق الفكرية وبين الشركات التي تقدم خدمات انترنت على اعفاء الشبكات الفورية من مسؤولية الاعتداء على الحقوق الفكرية التي يبثونها أو يخزنونها على نحو غير متعمد. ووافقت الشركات التي تقدم الخدمات، من جهتها، على التحرك بسرعة في مجال إزالة الاتصال أو وقفه مع المواقع التي يقول عنها مالكو الحقوق الفكرية إنها تستخدم مبتكراتهم على نحو غير قانوني. وتضمن التشريعات الجديدة أيضاً عدم وضع أية مسؤولية قانونية على عاتق الخدمات التي تبحث في انترنت، مثل ياهو، إذا ربطت بين المتجولين في انترنت وبين المواقع التي قد تكون ترتكب مخالفة لأحكام القانون الذي يحمي حقوق الملكية الفكرية. ويذكر ان اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي وافقت الشهر الماضي على مشروع قانون مماثل ومرافق لتشريعات مجلس الشيوخ الأميركي المشار إليها. ومن المنتظر ان يتبنى مجلسا الشيوخ والنواب التشريعات المشار إليها كافة في وقت لاحق من الشهر الجاري.