من المستحسن في هذه الايام ان يشغّل القسم المولج بالشؤون القانونية في شركة مايكروسوفت وكيل سفر متفرغاً تماماً لعمله فبالاضافة الى تسفير المحاسبين، من ردموند في ولاية واشنطن، الى المحاكم الفيديرالية في العاصمة الاميركية، تدافع الشركة عن نفسها حالياً ضد الدعاوى القضائية التي اقامتها الشركات الناشطة في انتاج برامج الكومبيوتر في كل من سان جوزيه في كاليفورنيا وسولت ليك سيتي وبريدجبورت في ولاية كونيتيكت. وعلى رغم ان مايكروسوفت قالت ان هذه الدعاوى الثلاث لا تستحق الاهتمام، لم تفلح حتى الآن في الجهود التي بذلتها في سبيل إبطال هذه الدعاوى او تأخير النظر فيها او حتى تغيير مكان النظر فيها وجعله ما يُفترض ان يكون مكاناً اكثر وداً وأقل ارباكاً للشركة، اي ردموند. وثمة احتمال هو ان اي ادلة تقدّم في هذه الدعاوى الثلاث قد تعزّز موقف الخصم، اي حكومة الولاياتالمتحدة. وعلى رغم احتمال وجود تفاوت بين مختلف الدعاوى الثلاث، يُجمع الذين اقاموها على نقطة واحدة هي في مكان القلب من الدعوى التي اقامتها الحكومة الاميركية مع حكومات بعض الولايات الاميركية على مايكروسوفت بتهمة مخالفتها لاحكام القوانين التي تحرّم الاحتكار، وهذه النقطة هي ان الشركة العملاقة حاولت استخدام هيمنتها على السوق للحؤول دون فلاح منافسيها. وتم رفع الدعوى الاولى من هذه الدعاوى الثلاث في تموز يوليو 1996، وكانت شركة كالديرا انك هي المدّعية وهي تنشط من بلدة اوريمي في ولاية اوتا وتبيع برنامجا دي آر - دوس الذي ينافس برنامج ام اس - دوس الذي تنتجه مايكروسوفت، والذي يشكل النظام المشغّل في برامج ويندوز. اما الدعوى الثانية فقد اقامتها شركة صن مايكروسستمزا نك الناشطة من بلدة بالو ألتو في كاليفورنيا والتي تنتج لغة البرمجة جافا، وذلك في تشرين الاول اكتوبر 1997. وآخر الدعاوى الثلاث كان ما اقامته شركة بريستول تكنولوجي انك الناشطة من دانبوري في ولاية كونيتيكت في صنع ادوات البرامج التي تمكّن البرامج التي كتبت في الاصل لتشتغل على برامج ويندوز ولكنها تعمل ايضاً في انظمة تشغيل اخرى. اما تاريخ اقامة هذه الدعوة الاخيرة فقد كان آب اغسطس الماضي. وكما يحدث لأي شركة كبيرة ، أقيم على مايكروسوفت، على مرّ الاعوام، عدد كبير من الدعاوى القضائية. وكسبت الشركة معظم هذه الدعاوى وخصوصاً دعاوى كسبتها عام 1992، بعدما نظرت فيها المحاكم على مدار عدد من الاعوام، وذلك عندما حكم قاضٍ ضد شركة أبل كومبيوتر انك التي كانت زعمت ان برنامج ويندوز الذي تنتجه مايكروسوفت يعتدي على حقوقها الفكرية. وخسرت الشركة العملاقة بعض الدعاوى التي اقيمت عليها مثل دعوى شركة ستاك الكترونيكس انك الصغيرة جداً التي زعمت، عام 1994، ان مايكروسوفت اعتدت على ما هو مسجّل حقاً فكرياً لها ما ادى الى شراء مايكروسوفت حصة اكثرية في الشركة الصغيرة المذكورة. وتوصلت مايكروسوفت الى تسوية بخصوص دعاوى اخرى كانت اقيمت عليها كان آخرها خلاف حول ترخيص مع شركة اي تي ان تي وكانت نقطة الخلاف الحصول على شيفرة برمجية او شيفرة برمجة يستند اليها برنامج ويندوز ان تي الخاص بمايكروسوفت. ولم يُكشف النقاب عن مقدار التسوية المالية، لكن ما يلفت انتباه المراقبين حالياً هو الدعاوى التي اقامتها شركات كالديرا وصن وبريستول لأنها متوازية مع دعوى الحكومة الاميركية وبعض حكومات الولايات الاميركية ضد الشركة العملاقة، ومشابهة لها. واقامت كالديرا دعواها على مايكروسوفت بتهمة مخالفة احكام القوانين التي تحرّم الاحتكار في 24 تموز يوليو 1996، اي في اليوم نفسه التي اتمّت فيه تملك انتاج دي آر - دوس من شركة توفيل انك يذكر ان توفيل كانت استملكت شركة ديجيتال ريسيرش انك التي ابتكرت في الاصل دي آر - دوس، عام 1991. ورغم ان دي ار - دوس ادى الوظائف نفسها، في الاصل، التي يؤديها ام اس - دوس، لم تتمكن مايكروسوفت من تحدي النتاج على اسس قانونية لان ام اس - دوس نفسه كان مشتقاً من سي بي ام، وهو نظام تشغيل قديم ابتكرته شركة ديجيتال ريسيرش. وصارت أية فرصة للتنافس بين ام اس - دوس، ودي آر - دوس في مجال اجهزة الكومبيوتر المكتبية في ذمة التاريخ. لكن العاملين في كاديرا يعتبرون ان ثمة فرصة سانحة في السوق ل دي آر - دوس في الادوات اليدوية الصغيرة، التي ينافس فيها نتاجهم نسخة مايكروسوفت من ويندوز التي تستخدم في المنتجات الالكترونية الاستهلاكية التي تدعى ويندوز سي اي. وتزعم كالديرا في دعواها ان مايكروسوفت استخدمت نفوذها في السوق لاحباط مبيعات دي آر - دوس من طريق ممارسات تسعيرية غير منصفة واتفاقات خاصة بالترخيص، وايضاً من طريق اصدار بيانات كاذبة واعلانات فارغة توحي بقرب اصدار نسخة محسّنة من ام اس - دوس. ويقول بريان سباركس، كبير المسؤولين التنفيذيين في كالديرا، التي يملك اكثرية اسهمها ريموند نوردا، الرئيس السابق لشركة نوفيل: "شعرنا كشركة صغيرة بأننا نحتل مكاناً فريداً لاقامة دعوى، فليس لمايكروسوفت منّة علينا ولا فضل من اي نوع كان. واذا رغبت مايكروسوفت في ردّ الرجل او الانتقام فلن تستطيع فعل ذلك". ومن العناصر الملفتة في دعوى كالديرا الشهادة التي سُرِّبت الى وسائل الاعلام والتي يقال انها كانت من ضمن شهادة ستيفاني ريتشل التي كانت سابقاً مديرة حسابات مايكروسوفت في المانيا، فقد اشارت شهادة ريتشل الى التخلص من ادلة وحبسها كانت ستعود بالنفع على تحقيقات وزارة العدل الاميركية السابقة في شؤون مايكروسوفت والتي سوّتها الشركة مع الوزارة عام 1995. وفي جلسة اصغاء عقدت في مدينة سولت ليك سيتي في 28 ايلول سبتمبر الماضي، طلبت مايكروسوفت بأن توجّه الى كالديرا تهمة تحقير المحكمة على اعتبار انها مطلعة، على نحو غير قانوني، على معلومات سرية تحمي سريتها المحاكم، لكن القاضي الاقليمي الاميركي رونالد بويس اعطى كالديرا الحق لتحاول اثبات صحة او حقيقة شهادة ريتشل، كما ان القاضي نفسه رفض طلباً من مايكروسوفت لتأخير المحاكمة 120 يوماً، وهي المحاكمة التي ينتظر ان تجرى في حزيران يونيو المقبل. وتزعم مايكروسوفت ان ويندوز 95 وويندو 98 حلاّ تماماً محل ام اس - دوس، وان اية مسألة ترتبط بالتنافس مع دي ار - دوس غطتها تسوية عام 1995 مع وزارة العدل الاميركية . لكن العاملين في كالديرا يؤكدون على ان ام اس - دوس حي يرزق وينشط بلباس ويندوز 95 وويندوز 98 تماماً كما نشط في النسخ الاولى من برنامج ويندوز او نظام التشغيل ويندوز. ويقول سباركس: "بوسعنا تشغيل ويندوز 95 وويندوز 98 بالاضافة الى دي ار - دوس الذي يمكن فصله تماماً عن ويندوز. فويندوز هو مثال حي عن مخالفة القوانين التي تحرم الاحتكار لانه يربط ما بين منتَجين نتاجين من دون ان يعود من هذا الربط اي نفع للمستهلك". ويوجد في هذا كله ما يشير الى احتمال حدوث مواجهات في قطاع الكومبيوتر في المستقبل، بالاضافة طبعاً الى هذا الاتهام الضمني الموجّه الى مهندسيه بأنهم يحاولون السيطرة التامة على القطاع. فمذكرة غيتس، على سبيل المثال، تصف خدمة جديدة قد تُطرح باسم ويندوز تون او وينتون ما يشبه، في عالم الكومبيوتر، صوت الهاتف عندما يرفع احدهم السمّاعة ليطلب رقماً ماً. وكانت صن مايكروسستمز طرحت فكرة مماثله مستندة الى ما تدعوه برنامج جيني المصمّم على اساس ان يمكّن مختلف الاجهزة من التواصل الاتصال بواسطة انترنت. وبالنسبة الى غيتس ورؤيته للمستقبل او رؤاه ستمنح خدمةُ وينتون مايكروسوفت مهمة ادارة معلومات الاجهزة الشخصية على انترنت ما يسمح بدعم آلي لتلك المعلومات الموجودة في اجهزة الكومبيوتر التي تخزن ما في الشبكة، فيما تستخدم انترنت في الوقت نفسه لتزويد البرامج الموجودة في اجهزة المستخدمين الشخصية بآخر المستجدات وذلك على نحو آلي. ويصف غيتس نظاماً جديداً يدعوه ميغا سيرفر الخادم الاكبر هو عبارة عن شبكة يمكن الاتصال بها تخزن هذه الكمية الهائلة من المعلومات وتوفر لمستخدمي الاجهزة الوصول الى المعلومات الشخصية الخاصة بهم والى بريدهم الالكتروني حيثما يكون لهم ارتباط او تواصل مع انترنت. ويلفت غيتس ايضاً الى ان نظام التشغيل - اي البرنامج الاساسي لاصدار الاوامر للكومبيوتر وللسيطرة عليه والتحكم به، سيلعب دوراً متعاظماً في حماية حقوق الملكية الفكرية من قراصنة المعلومات من طريق رصد استخدام المعلومات والحؤول دون نقلها على نحو غير قانوني. ولعل اهم ما كشفه غيتس في ضوء دعوى حكومية ضده تفترض وجود هيمنة قوية ناجزة من ويندوز، ما جاء على نحو غامض او غير بيّن في المذكرة حول نواقص نظام التشغيل الفنية المختلفة. ويلفت ايضاً الى ان البرامج التي تنزع يندوز هي من بين منتجات البرامج الخاصة بالاجهزة الشخصية التي يباع منها اكثر مما يباع من غيرها المماثل بكثير. ويورد غيتس هذه الحقيقة دليلاً على اخفاق مايكروسوفت اساساً في مجال ابقاء زبائنها راضين ومكتفين. ويتطرق غيتس في مذكرته ايضاً، على رغم ان التطرق الذي يبدو عابراً، الى التهديد الذي يوجهه منافسو مايكروسوفت اليها من خارج قطاع الاجهزة الشخصية. ويقول في المذكرة، على سبيل المثال، ان اتفاقاً عقد اخيراً بين ثلاث شركات رئيسية ناشطة في مجال صنع اجهزة الهاتف اللاسلكي، هي اريكسون وموتورولا ونوكيا، من جهة وشركة بسيون البريطانية الصغيرة الناشطة في تطوير البرامج التي تستخدم في الاجهزة اليدوية من جهة اخرى، يمثل منافسة خطيرة. ومع ذلك يبدو غيتس وكأنه يعتقد ان نظام وين سي التشغيلي، المستند الى ويندوز والذي تنتجه شركته، والذي الى ذلك بدأ يظهر في مختلف اجهزة المعلومات، سيُبعد شبح التهديد الآتي او الذي قد يأتي من الاتفاق الثلاثي المشار اليه. وفي نهاية مذكرته يدعو غيتس زملاءه في مايكروسوفت الى مواجهة التحديات التي يصفها، ويلمح الى انه يشعر بسعادة وفخر لانه جزء من الاثر الايجابي الذي يقول ان جهود شركته ستخلّفه على الطريقة التي يعمل بها الناس ويتعلمون ويتواصلون.