كانت اوروبا فجر أمس على موعد مع احدى أوسع عمليات الدهم والاعتقالات في صفوف الناشطين الاسلاميين. إذ شنت فرق مكافحة الإرهاب عمليات دهم واسعة في شكل متزامن تقريباً في خمس دول أوروبية، اسفرت عن اعتقال عشرات الاسلاميين المشتبه بتشكيلهم شبكات دعم ل "الجماعة الاسلامية المسلحة" الجزائرية. وأعلنت مصادر أمنية اوروبية انه تم، في الاجمال، إصدار 120 مذكرة توقيف في البلدان الاوروبية التي شملتها حملات الدهم. التفاصيل ص6 وأُفيد ان الشرطة الفرنسية اعتقلت 53 شخصاً ابقت على 17 منهم قيد الاعتقال حتى بعد ظهر أمس، في حين اوقفت الشرطة الإيطالية تسعة جزائريين. وفيما أعلنت بلجيكا وسويسرا توقيف عدد آخر من المشتبه بهم، قالت الشرطة الالمانية انها اوقفت جزائريين إثنين أحدهما تعتبره فرنسا "اليد اليمنى" لحسان حطاب "أمير المنطقة الثانية" في "الجماعة المسلحة" الجزائرية. وقال محققون ان المانيا وافقت على تسليمهما الى باريس. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر في الداخلية الفرنسية ان الشرطة اعتقلت "مشبوهاً مهماً" في مرسيليا كان ملاحقاً منذ 15 يوماً إثر العثور على عبوة ناسفة أمام مكاتب "فرانس - تيليكوم" شمال باريس. وقال متتبعون للحملات التي تشهدها اوروبا حالياً ضد اوساط الإسلاميين ان هدفها الرئيسي، في ما يبدو، إحباط أي خطة إرهابية قد يكون أعدّها إسلاميون متشددون بهدف تنفيذ استهداف نهائيات كأس العالم التي تستضيفها فرنسا إعتباراً من العاشر من حزيران يونيو المقبل. ويبدو ان الخيط الأول الذي يشير الى إمكان استهداف مونديال فرنسا ظهر في بروكسيل في آذار مارس الماضي عندما دهمت الشرطة، بعد فترة طويلة من المراقبة، شقة كان سبعة ناشطين إسلاميين يجتمعون فيها. واستسلم فوراً للشرطة ستة منهم يحمل معظمهم جنسيات اوروبية، لكن سابعهم، فريد ملوك جزائري، 33 عاماً، رفض ولم يعتقل سوى بعد 12 ساعة من الحصار. وتبيّن ان ملوك ملاحق منذ 1995 بتهمة التورط في تفجيرات فرنسا في صيف ذلك العام. وقد أصدرت محكمة فرنسية حكماً غيابياً بسجنه في قضية التفجيرات في 18 شباط فبراير الماضي. لكن ما أثار إهتمام الأمن البلجيكي هو العثور في الشقة على كتيّبات تتعلق بنهائيات كأس العالم، وهو أمر دفع بعض المحققين الى إطلاق افتراض يقول ان الناشطين الاسلاميين كانوا يدرسون إمكان ضرب المونديال. وعلى رغم ان ذلك بقي مجرد افتراض، فإن المرجح ان الفرنسيين تلقوه باهتمام بالغ، خصوصاً ان أحد المعتقلين في عملية بروكسيل سبق ان شارك - بحسب القضاء الفرنسي - في تفجيرات باريس في 1995. وانطلاقاً من هذا الخيط، طلبت فرنسا، في ما يبدو، من جيرانها الاوروبيين مساعدتها في إحباط اي خطة قد تكون أُعدت لضرب نهائيات كأس العالم. وكانت بريطانيا الدولة الأولى التي تقدم المساعدة في هذا الإطار. إذ اعتقلت الشرطة تسعة اسلاميين في عمليات دهم نفذتها فجر الثلثاء 12 أيار مايو الجاري. لكن اسكوتلنديارد وجّهت الى اثنين منهم فقط تهمة تشكيل "خطر على الأمن القومي"، وافرجت بكفالة عن الباقين في انتظار استكمال التحقيق. ونُقل عن بعض المفرج عنهم بكفالة ان اسئلة المحققين ركّزت على كأس العالم. ويُرجّح مراقبون ان يكون هدف حملات الدهم أمس تشتيت أعضاء الشبكات التي قد تكون "الجماعة المسلحة" شكلتها في اوروبا، مما يضعضع اي خطط لتنفيذ اعتداءات خلال كأس العالم. ويقولون ان عمليات الدهم، وإن لم تؤد الى إعتقال أحد، فإنها تسمح للشرطة باجراء "عملية مسح" للموجودات في المنازل المستهدفة ومصادرة أي وثائق ومنشورات اسلامية قد تكون فيها. ولفت المراقبون الى ان عمليات أمس استهدفت مؤيدي جماعة حسان حطاب التي تنشط في ضواحي الجزائر العاصمة. وتلقت "الحياة" باستمرار بيانات من هذه الجماعة لم يهدد اي منها بتنفيذ عمليات ارهابية في فرنسا. كذلك أجرت "الحياة" مقابلة مع حطاب في نيسان ابريل الماضي لم يُهدد فرنسا فيها، لكنه لم يُدن عمليات التفجير التي جرت فيها في 1995. وانشق حطاب عن "الجماعة" بعد تولي عنتر الزوابري إمارتها. وكان الأمير السابق ل "الجماعة" جمال زيتوني الذي تبنى تفجيرات فرنسا عيّنه أميراً على "المنطقة الثانية" في جماعته.