ما كان أبو الهول ليقبل بعد عشر سنوات من عذابات المرض أن يخرج الى العالم من دون احتفال يليق بمقامه الرفيع الذي تظلله أحجار أحد الاهرامات على بُعد مرمى حجر منه. مصر، وفي حضور الرئيس مبارك وفيدريك مايور الأمين العام لمنظمة اليونسكو، احتفلت ليل أول من امس بترميم التمثال في احتفال ضخم بدأ بعرض فيلم تسجيلي عن مراحل الترميم في السنوات العشر الماضية. ثم بدأ العرض الذي استخدمت فيه أحدث تقنيات الليزر. كان أبو الهول مغطى بقماش أبيض مرصع بنجوم فرعونية ذهبية، وفي مصاحبة موسيقى "فانغليس" كشف عنه تدريجياً. وقدم أبو الهول نفسه بلغات ثلاث هي العربية والإنكليزية والفرنسية. وبعد كلمتين ألقاهما وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني والسيد مايور منح الرئيس مبارك الأوسمة لفريق الترميم، كما منح كلا من مايور، والفنان آدم حنين، ومدير عام آثار الجيزة الدكتور زاهي حواس، والفنان محمود مبروك وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى. ومنح رئيس العمال السيد سعيد حسن محمد نوط الامتياز من الطبقة الثانية. وقام كبار الحضور بجولة حول التمثال الذي يزن رأسه وحدها نحو 900 طن، وعمره 4700 عام، وتكلف ترميمه عشرة ملايين جنيه مصري وبأيدى طاقم ترميم مصري بالكامل. استخدم المرممون 12244 حجراً احضرت من محجر خاص في منطقة 15 مايو تناسب طبيعة أحجارها الطبيعة الكلسية لصخرة التمثال، التي عانت بشدة من الظروف الجوية والتدخلات البشرية غير الملائمة في تلك المنطقة المكشوفة من هضبة الاهرامات. ومرض التمثال يلخصه مدير منطقة الاهرامات والجيزة الدكتور زاهي حواس أنه عضال، كاد المريض ان يشارف الموت أو شارفه. قبل عشر سنوات تحديداً في ايلول سبتمبر 1987، قال البعض ان الرأس أوشك على السقوط بعدما بلغ النحر به مدى كبيرا، ووهن الصدر عن حمل الرأس وتساقطت قشور الصدر بمعدل بلغ نصف سنتيمتر سنوياً. وكان سقوط كتف التمثال ألايمن جرس انذار لما وصلت اليه حالة التمثال. الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور جاب الله جاب الله قال لپ"الحياة": ان التمثال بخير والحمد لله. وهذا لا يعني إهماله نهائياً، بل استمرار علاجه حتى لا ينتكس. والطريف أن أعمال الترميم الحالية التي استغرقت 3600 يوم استقاها المرممون من عملية الترميم الاولى التي أجريت للتمثال على أيدي الفراعنة. كان ذلك عام 1550 قبل الميلاد في عهد الملك تحتمس الرابع الذي أدرك حال التمثال مبكراً، واقام لحمايته حائطاً من الطوب الأخضر اللبن شمال "أبو الهول" لتصد الرياح. أما الترميم الثاني لحارس مصر الاصيل، فكان قبل الميلاد بنصف قرن فقط. وقبل 30 عاماً من الميلاد وفي بداية العصر الروماني اجري الترميم الثالث. أما ترميمات العصر الحديث فالأولى كانت في عام 1881 بواسطة العالم كافيجليا، والثانية بواسطة العالم الفرنسي باريز الذي رفع الرمال من حول التمثال ووقتها اتضح أن "أبو الهول" مشطور نصفين، وكانت المحاولة الجادة الاولي للترميم تبعتها ترميمات صغيرة اضرت بالتمثال كثيراً بين عامي 1982 و1987، والتي انتهت بسقوط حجارة الكتف الايمن للتمثال. الأكثر طرافة أن تهمة سقوط الأحجار سقطت في حجر يهودي اميركي يدعى لاري هنتر كان يزور ابي الهول، في هذا التوقيت، ورغم أن الحجر الذي سقط وزنه 18 طناً إلا أنه وجد في القاهرة من يصدق أن هنتر كان يبحث عن مزامير داود تحت قدمي التمثال، وأنه حفر تحته فمال الكتف لتسقط الاحجار.