مأساة جديدة تلاحق حالياً نحو ألف صحافي جزائري هاربين من منازلهم خوفاً من التعرض للاغتيال الذي طاول عديدين من زملائهم. هؤلاء الصحافيون أسكنوا الفنادق لتسهيل حمايتهم، لكن السكن الجديد الموقت المفترض ان يقيهم من الملاحقة ويضمن عيشاً كريماً لهم لم يعد يوفر لهم "الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية"، بحسب ما جاء في رسالة مفتوحة وجهها الصحافيون الى وزير الاتصال والثقافة الناطق باسم الحكومة الجزائرية السيد حبيب حمراوي شوقي. وبعدما ركزت الرسالة على الدور الريادي للصحافة في الأزمة الجزائرية، قالت: "يجد عمال الاعلام في الجزائر القبور أمامهم والمحاكم وراءهم والفنادق الرخيصة مأواهم". وتقدر وزارة الاتصال عدد المقيمين في الفنادق بأكثر من ألف صحافي وصحافية، غالبتيهم من المؤسسات السمعية - البصرية. ويعتبر فندقا "مازفراق" في زالدة و"المنار" في سيدي فرج من أكبر الفنادق التي يسكنها الصحافيون الى جانب فندق "موريتي" ومساكنه السياحية. وعلمت "الحياة" ان وزارة السياحة وجهت مذكرة الى الفنادق لتحسين خدماتها لاستقبال السياح عشية بدء موسم الاصطياف مطالبة وزارة الاتصال بالبحث عن مخرج لأزمة سكن الصحافيين. كيف يعيش الصحافيون في هذه الفنادق؟ المتزوجون منهم حصلوا، بحسب رتبهم على مساكن مقبولة، مثل "شاليهات" في "قصر الصنوبر" لمدراء المؤسسات وشقق صغيرة في الفنادق للأقل رتبة. أما العازبون منهم، فيعيش كل اثنين منهم في غرفة واحدة ينعدم فيها الهاتف، كما لاحظت "الحياة" لدى زيارتها فندق "النار". ولا تسمح ادارة الفندق بتبادل الزيارات بين "النزلاء" الصحافيين الذين عليهم ان يقضوا ليلهم في الغرفة التي بالكاد تكفي لتحرك شخص واحد. الصحافيون القاطنون في الفنادق يواجهون ضغوطاً من اداراتها لدفعهم الى اخلائها. فهذه الادارات تتوقع إقبالاً على فنادقها نظراً الى قربها من البحر والحماية الأمنية المتوافرة فيها. وأكد صحافيون ان الوضع الأمني لا يسمح لهم بالتحرك، خصوصاً أنهم "مهددون" ومعروفون في مناطق سكن عائلاتهم، متسائلين عن الاجراءات التي يمكن ان تتحذها الحكومة من أجل حل الأزمة. في مقابل ذلك اكدت أوساط حكومية اتصلت بها "الحياة" انها مهتمة بوضعهم، وانها لا توفر جهداً لضمان الأمن في أماكن سكنهم وتنقلاتهم. لكن غالبية الصحافيين تجمع على سوء الخدمات في هذه "الفنادق الرخيصة" والبعيدة عن العاصمة، مما دفع بعضهم الى وصفها بأنها "محتشدات رسمية". ولفت بعض الصحافيين الى ان غالبيتهم تعتمد على "الشندويتشات" نظراً الى الرواتب الزهيدة التي يتقاضونها. وفي انتظار حل يسمح لوزارة السياحة باستثمار فنادقها ويسمح للصحافيين بظروف سكنية تمكنهم من أداء مهماتهم على نحو أفضل، يبقى السؤال عن مصير 600 صحافي يعيشون في هذه الفنادق، بعدما قررت التلفزة الجزائرية التخلي عنهم، وعدم تجديد عقودهم، علماً ان من يفقد عمله كصحافي "يطرد تلقائياً من الفندق".