جاكرتا، القاهرة - "الحياة"، رويترز، أ ب - عاد الرئيس الاندونيسي سوهارتو 76 عاماً أمس الى جاكرتا حيث يعم الخراب مناطق عدة فيها وارتفع عدد القتلى الى 22 شخصاً. وبدا ان الجيش، الذي انتشر في العاصمة ليحل مكان عناصر الشرطة، ما زال غير راغب في استخدام القوة مع المتظاهرين والمحتجين الذين يطالبون باستقالة سوهارتو واجراء اصلاحات سياسية جذرية. وعقد وزير الدفاع قائد القوات المسلحة الجنرال ويرانتو مؤتمراً صحافيا قال فيه ان حظر التجول لن يفرض في الوقت الحاضر، وأضاف ان اطلاق النار على "مثيري الشغب" سيعتمد على تطور الاحداث. تفاصيل اخرى ص7 وساد عواصم عالمية كثيرة قلق من هذه الاحداث التي تشكل أكبر ازمة تواجه سوهارتو. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر رسمية ان وزارة الدفاع الاميركية أرسلت أمس وفداً عسكرياً رفيع المستوى برئاسة الاميرال جوزف برويهر قائد القوات الاميركية في المحيط الهادئ الى اندونيسيا للطلب من سلطاتها وضع حد لاعمال العنف، مضيفة ان هذا القرار اتخذ بعدما فشلت الجهود الديبلوماسية في التأثير على سوهارتو. لكن وزارة الخارجية الأميركية اعلنت في وقت لاحق أن زيارة الوفد العسكري الغيت. وفي خضم هذه المعارضة المتصاعدة التي حركتها التظاهرات الطالبية أساساً، قبل ان ينضم اليها آلاف المواطنين القادمين من ضواحي العاصمة التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، لم يلق قول الرئيس سوهارتو للجالية الاندونيسية في القاهرة أول من أمس، استعداده للتنحي نزولا عند رغبة الشعب، صدى يذكر. اذ اكد محللون سياسيون انها ليست المرة الاولى التي يعلن فيها الرئيس ذلك، خصوصاً أنه يعتبر نفسه المرجع الوحيد لتحديد مدى شعبيته. وسقط قتيلان من الطلاب أمس امام جامعة في جاكرتا فيما سوهارتو في طريقه الى البلاد. ونشرت قوات الامن والجيش رجالها عند مفارق الطرق في محاولة لاحتواء الاضطرابات ولم يتدخلوا لقمع اعمال الشغب، بل راح جنود يتبادلون الاحاديث مع متظاهرين في بعض المناطق. وشملت اعمال النهب والحرق محلات يملكها افراد عائلة سوهارتو وأصدقاؤه القريبون. وناشد جندي متظاهرين، عبر مكبر للصوت، التزام الهدوء وخاطبهم قائلاً: "كمواطنين صالحين علينا ان نعمل معاً لا ان نتقاتل". كذلك أشعل المتظاهرون الحرائق في الاحياء التجارية التي تشكل صورة للغنى والرخاء اللذين لا يستطيعون الحصول عليهما. ويملك معظم المتاجر تجار مسيحيون وبوذيون من اصل صيني. وقال ناشط اندونيسي من اصل صيني ان "اطلاق العنان لنهب المتاجر الصينية شكل تقليديا بالنسبة الى النظام الاندونيسي وسيلة لامتصاص نقمة الجماهير الغاضبة، والأمر ليس مختلفاً هذه المرة". وفي غضون ذلك اغلق الطريق المؤدي الي مطار سوكارنو - هاتا الدولي في جاكرتا موقتاً بسبب الاضطرابات، وقال مسؤول في شركة الخطوط الجوية البريطانية: "اغلق طريق المطار موقتاً، لكن المطار لا يزال مفتوحاً". ويواجه الرئيس الاندونيسي الذي اختصر زيارته لمصر ليعود الى بلاده غداة موجة من اعمال الشغب والنهب التي عمت جاكرتا، أخطر أزمة خلال 32 عاماً من انفراده بالسلطة. وكان سوهارتو الذي اصر، في وقت كانت كل الدلائل تنذر بانفجار، على السفر الى القاهرة في اول زيارة له الى الخارج خلال أكثر من ستة أشهر، اراد ان يقلل من اهمية التظاهرات المتصاعدة والمطالبة باستقالته او محاكمته بتهمة الفساد والسرقة وانتهاك حقوق الانسان. ولكن بات واضحاً أن تسارع الاحداث خلال بضعة ايام ارغمه على اختصار زيارته، وان ليوم واحد، والعودة الى بلاده. وبينما كان وزير الدفاع يعقد مؤتمره الصحافي انتشر في جاكرتا 15 ألفاً من جنوده ليحلوا مكان عناصر الشرطة، لكن الجنود لم يتدخلوا لتوقيف الاشخاص الذين كانوا يمرون أمامهم حاملين ما تمكنوا من نهبه من الملابس الجديدة والبضائع والاجهزة الكهربائية. وانتشرت امس انباء عن استعداد كثير من الاجانب للرحيل عن جاكرتا. فقد سمحت الولاياتالمتحدة بترحيل عائلات الديبلوماسيين كما اوصت السفارة الاميركية الرعايا الاميركيين بتأجيل سفرهم الى اندونيسيا.