دعا ناشط إسلامي تونسي الحركات الاسلامية في العالمين العربي والاسلامي الى التخلي عن صفتي الاسلامية والسياسة في مناهجها. واقترح عليها بديلاً يتمثل في تأسيس أحزاب "علمانية بالكامل". ويعكس اقتراحه توجهاً داخل الحركات الاسلامية التي يرى العديد من قادتها ان الصراع مع الحكومات انتهى بانتصار الاخيرة، وان الوسيلة الوحيدة للحد من الخسائر تتمثّل في تغيير مناهج الحركات الاسلامية لتتوافق مع القوانين. وفي هذا الإطار، عدلت أحزاب اسلامية عديدة، في الجزائروتركيا مثلاً، قوانينها بالتخلي عن صفة الاسلامية. لكن يُعتقد انها المرة الاولى التي تصدر دعوة الى التخلي تماماً عن صفة الاسلامية واعتماد نظام علماني كامل. وقال صالح كركر، الذي يقيم في فرنسا، ان دعوته الى اعتماد العلمانية تنطلق مما سمّاه "فقه الواقع". وجاءت دعوته في بحث من 12 صفحة حصلت "الحياة" على نسخة منه. وجاء في البحث انه "آن الآوان أن نضع حداً للصفة السياسية" للحركة الاسلامية "لتبقى حركة دعوية تربوية ثقافية تسهر فقط على تلقين الإسلام وادابه للمجتمع وتنتهي عن الصفة السياسية". وأضاف: "اذا كان هدفنا الحقيقي هو تثبيت الهوية العربية الإسلامية للمجتمع وتلقينه بشكل عميق ومؤصل تعاليم دينه وادابه فلا مفر لنا من التفرّغ التام كحركة الى هذا الهدف الاسمى الذي لا يمكن للحركة ان تقوم عليه وتحققه كما يجب طالما بقيت منشغلة في الوقت نفسه بالسياسة". وشدد على "ان لا بد من الفصل العضوي بين الصفتين" السياسية والدعوية للحركات الاسلامية. وقال: "لا بد لنا من ان نأخذ المبادرة نحن أنفسنا لنفرض على أنفسنا، بحكم الضرورة طبعاً، نوعاً من العلمانية" التي لاحظ انها مطبقة أصلاً في المجتمعات الإسلامية. وطالب بعدم "التسرع في طلب الحكم أو المساهمة فيه بصفتنا الإسلامية". وبعدما دعا الاسلاميين الى التخلي عن صفة الاسلامية، قال انه يقترح "تأسيس حزب سياسي علماني بالكامل يعمل من أجل إقامة دولة العقل والقانون بعيداً كل البعد عن دولة الوحي". وأضاف: "تصورنا لهذا الحزب ان يكون حزباً وسطاً وطنياً جماهيرياً ديموقراطياً، حزباً معتدلاً لا يستند الى اي ايديولوجية، يعمل من أجل إقامة دولة القانون، دولة المؤسسات القوية ... وتجذير التعددية الحزبية الحقة واحترام اللعبة الديموقراطية وما تسفر عنه من تداول سلمي على السلطة". وتتزامن دعوته مع تراجع واضح للأحزاب الاسلامية في دول مختلفة. ففي الجزائر غيّرت أحزاب إسلامية من برامجها واسمائها لتتوافق مع القانون الذي يُحظّر قيام أحزاب إسلامية. فغيّرت "حركة المجتمع الاسلامي" إسمها الى "حركة مجتمع السلم" وحركة النهضة الاسلامية" الى حركة "النهضة". ويُقال ان تياراً في "الجبهة الاسلامية للانقاذ" المحظورة يُفكّر أيضاً في تغيير إسم الحزب للسماح له بمزاولة نشاط سياسي. ويحصل الأمر نفسه في تركيا. إذ حلّت السلطات القضائية حزب "الرفاه" الاسلامي بسبب مخالفته أُسس النظام العلماني. ووافق الحزب على حل نفسه والظهور في إطار جديد يتوافق مع القانون، متخذاً أسماً جديداً هو "الفضيلة".