أثارت انتقادات قائد "الحرس الثوري" الإيراني اللواء رحيم صفوي لخيار "إزالة التوتر" الذي انتهجه الرئيس محمد خاتمي في سياسته الخارجية، وللانفتاح السياسي والثقافي في برنامج حكومته تساؤلات عما إذا كانت هذه الانتقادات ترضي مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة. ووجهت تحذيرات إلى قادة "الحرس" من عواقب "التدخل في الشؤون السياسية الداخلية" ودعوات إلى "عدم الانحراف" عن المهمة الرئيسية ل "الحرس" فيما أكد وزير الثقافة عطاء الله مهاجراني رفضه أي "مصادرة للفكر المخالف"، معتبراً أن الولاء الديني لا يتناقض مع الحرية. واللافت أن قائد "الحرس" كان لوّح بكشف ملفات تعود إلى مرحلة الرئيس السابق أبو الحسن بني صدر. وتعتبر المواقف التي أعلنها صفوي أمام قادة القوات البحرية التابعة ل "الحرس الثوري" في قم الاثنين الماضي، أقسى انتقادات من مسؤول غير مدني ل "العهد الجديد" منذ انتخاب خاتمي، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها قائد "الحرس" علناً عن شأن داخلي سياسي منذ خلف الجنرال محسن رضائي في أيلول سبتمبر الماضي. ويعد صفوي قريباً إلى المحافظين، لكنه كان يتفادى الخوض في قضايا خلافات في الداخل، ربما بسبب الانتقادات العنيفة التي وُجهت إلى "الحرس الثوري" قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، لموقفه المؤيد بقوة لأحد المرشحين، وتردد آنذاك ان قيادة "الحرس" أصدرت أوامر صريحة لقواته بالتصويت لمرشح المحافظين رئيس البرلمان علي أكبر ناطق نوري، ولم تخفِ انتقاداتها لبرنامج خاتمي. وشدد صفوي خلال لقائه قادة "الحرس" في قم على أن "فلسفة الحرس هي الدفاع عن الثورة الإسلامية، ونحن لسنا مؤسسة عسكرية فقط، بل ننشط في المجالين الثقافي والسياسي". وانتقد السياسة الخارجية لخاتمي ومحورها "حوار الحضارات والثقافات" و"إزالة التوترات". وتساءل: "هل يمكن مواجهة التهديدات والأهداف التسلطية الأميركية عن طريق سياسة إزالة التوتر، وهل يمكن قطع الطريق أمام الأخطار الأميركية بواسطة الحوار الثقافي والحضاري"؟ وأشار إلى الاحتجاجات الأخيرة في مدينة نجف آباد تأييداً لآية الله حسين علي منتظري، وفي جامعة طهران ابان أزمة اعتقال رئيس بلدية العاصمة غلامحسين كرباستشي، متهماً وزارة الداخلية بأنها ضالعة في الاضطرابات. ورأى ان "كل ما جرى من إخلال بالأمن تم بالتنسيق مع وزارة الداخلية"، التي يشرف عليها الوزير عبدالله نوري الذي بات الخصم الرئيسي للمحافظين وَمن يوصفون بالمتشددين على رغم أنه لا يملك أي سيطرة على قوى الأمن والشرطة. وأشار صفوي إلى أنه تحدث في اجتماع لمجلس الأمن القومي و"قلت إن لا بد من توضيح قضية منتظري، فهي ليست مسألة شخص بل موضوع تيار". وتابع أمام ضباط "الحرس الثوري": "إذا تطلب الأمر سأكشفهم للشعب. وأقول ماذا فعلوا أيام بني صدر". وأضاف في لهجة تحذير: "نحن بصدد قطع جذور أعداء الثورة أينما كانوا". وفي رد غير مباشر، اعتبر مهاجراني ان "معارضة أي فكر تتم بالحجة ولا نملك حق مصادرة الفكر ومنع الفكر المخالف من الظهور". ورأى ان "تدافع الأفكار هو الذي سيعلي شأن الثورة". لكن صحيفة "سلام" الموالية لليسار الراديكالي والمؤيدة بقوة لخاتمي تساءلت بتهكم: "إذا كان قائد الحرس الثوري يحمل هذا النمط من الفكر والتفكير، هل الحرس قادر على أداء مهماته بالشكل المطلوب"؟ وحرصت على إثارة مرشد الجمهورية بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، وتساءلت: "هل يمكن أن يوافق القائد على هذه الصيغة من الكلام لصفوي وما تضمنه من مواقف، خصوصاً أن الموقف السياسي العلني للحرس من قضايا داخلية في المجتمع يتناقض مع مسؤوليته الأساسية، أي الحفاظ على وحدة الأراضي الإيرانية". لكن "سلام" لم تقفل باب الحوار، ودعت إلى فتح ملف ما أعلنه قائد "الحرس" من مواقف، و"حوار جدي"، مشددة على ضرورة "ألا ينحرف الحرس الثوري عن مهمته".