حض الجناح العسكري لپ"حركة المقاومة الاسلامية" حماس في بيان أمس العرب والمسلمين على مهاجمة "المصالح اليهودية والصهيونية" في كل أنحاء العالم، وأكدت "كتائب عزالدين القسام انها وضعت خطة انتقامية شاملة" للثأر "من العدو الصهيوني" لمقتل محيي الدين الشريف خبير صنع القنابل فيها. وفي غضون ذلك اجرى المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط دنيس روس أمس مشاورات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية شملت المبادرة الأميركية المتوقعة لتحريك عملية السلام والجولة التي سيقوم بها رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير على بعض دول المنطقة خلال الشهر الجاري. وقالت "كتائب عزالدين القسام" في بيانها أمس: "ندعو كل الأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والاسلامية وكافة الغيورين على فلسطين والمحبين للدين والوطن والقضية والعاملين للمصلحة العليا لشعبنا الفلسطيني في أي مكان من العالم الى تسديد وتوجيه الضربات الموجعة الى المصالح اليهودية والصهيونية التي تنتشر كالهشيم في كافة أنحاء العالم". وجدد الجناح العسكري لپ"حماس" تهديده بمهاجمة اسرائيل مكرراً رفضه لما أعلنته السلطة الفلسطينية الاثنين الماضي من ان الشريف قتل بأيدي أعضاء آخرين في "حماس". وقال بيان "كتائب القسام": "ان هذه الرواية المختلقة التي ترمي الى النيل من كتائب القسام وتشويه جهادها المشرف لن تؤثر بأي حال من الأحوال في الخطة الانتقامية الشاملة التي وضعتها كتائب القسام للثأر من العدو الصهيوني… فالثأر قادم لا محالة". وعقب الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية بقوله ان "حماس" تبحث عن ذرائع لتبرير شن هجمات. وأضاف: "لا تساورنا أي أوهام في شأن أهدافهم من حيث قتل أكبر عدد ممكن من الاسرائيليين واليهود طبعاً… من الواضح لدينا من الأحداث الأخيرة انهم سيستخدمون أي ذريعة يستطيعونها لشن هجمات ارهابية على اسرائيل وعلى أهداف يهودية في الخارج". وكانت السلطة الفلسطينية قالت ان تحقيقاتها توصلت الى ان الشريف الذي عثر على جثته في الضفة الغربية يوم 29 آذار مارس قتل في صراع على السلطة واعتقلت عدداً من أعضاء حماس فيما يتصل بمقتله. ونفت اسرائيل أي صلة لها بمقتله. واتهم بيان "كتائب القسام" الشرطة الفلسطينية بتعذيب المعتقلين لارغامهم على الادلاء باعترافات تدين عضو "حماس" عادل عوض الله ورفاقه. وهو اتهام نفته السلطة. وقال البيان ان "السلطة قد مارست تعذيباً وحشياً لانتزاع أقوال خاطئة مغلوطة من بعض أبناء حماس المعتقلين لديها من دون ان تملك الدليل الفعلي الواضح والبرهان القاطع الملموس الذي يثبت صحة مزاعمها وسلامة تقولاتها". وحذرت الحركة التي قالت مراراً انها لا تريد حرباً أهلية فلسطينية سلطة الحكم الذاتي من شن حملة على "حماس" وقالت: "اننا نحذر السلطة واجهزتها الأمنية من مغبة المساس بالمجاهد عادل عوض الله أو التعرض له بأي شكل من الأشكال أو القيام بأي حملة ضد حماس وكتائب القسام… فإن لهذا الأمر سلبياته الخطيرة وعواقبه الوخيمة". واتهمت الكتائب السلطة الفلسطينية بتلفيق هذه التهمة لپ"حماس" في محاولة لاسترضاء اسرائيل "كثمن لموافقة الصهاينة على رفع نسبة اعادة الانتشار في الضفة الغربية وعدم انسحاب بني يهود من مسيرة التسوية". وشددت كتائب القسام على وحدة صفوفها قائلة انها "جناح واحد موحد في الضفة الغربيةوغزةوالقدس والخارج ولها قيادة واحدة تتلقى منها الأوامر والسياسات والتوجيهات". وقالت ان "التحقيقات المتواصلة التي تجريها كتائب القسام بسرية تامة قد اثبتت في بعض مراحلها تورط جهات أمنية فلسطينية رسمية تعمل لصالح اسرائيل في عملية الاغتيال". في لندن اجرى المنسق الأميركي للمسيرة السلمية دنيس روس مشاورات مكثفة أمس مع وزارة الخارجية البريطانية شملت المبادرة الأميركية المتوقعة والجولة المقبلة التي سيقوم بها رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير في المنطقة قريباً لمحاولة احياء المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية وانهاء الجمود الراهن فيها. ولم يعلن من قبل عن زيارة روس التي قالت وزارة الخارجية البريطانية انها تأتي في اطار الاتصالات الرفيعة المستوى بين الولاياتالمتحدةوبريطانيا الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي. وعقد روس لقاء في البداية مع وزير الدولة المختص بشؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية ديريك فاتشيت واجتمع بعد ذلك مع كبار المسؤولين في الوزارة المختصين بقضايا المنطقة. ووصف ناطق اتصالات روس في لندن بأنها "خاصة" ولذلك لم يسمح للصحافيين بدخول مبنى وزارة الخارجية لمعرفة تعليقات المنسق الأميركي وفاتشيت على محادثاتهما. وتأتي زيارة روس للعاصمة البريطانية قبل جولته المتوقعة على المنطقة، وهي الثانية خلال أسابيع قليلة. وأعلن ناطق باسم الخارجية البريطانية ان لندنوواشنطن متفقتان على أهمية المبادرة الأميركية المقترحة. وكان وزير الخارجية البريطاني روبن كوك أعلن انه يتطلع الى اعلان وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت هذه المبادرة مؤكداً ان الاتحاد الأوروبي سيدعمها وان دول المجموعة ستسعى الى المساهمة في بناء اجراءات الثقة المطلوبة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وكذلك المشاركة في المشروعات الرئيسية الفلسطينية مثل مطار غزة ومينائها والمنطقة الصناعية والممر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن الجدير بالذكر ان بريطانيا تقر بأنها تعرف تفاصيل المبادرة الأميركية وهي على اتصال وثيق يومي مع واشنطن حول الأزمة الكبيرة القائمة في المسيرة السلمية. لكن لندن لا تريد ان تكشف النقاب عن هذه التفاصيل. ويفترض على نطاق واسع ان المبادرة تشمل ضرورة تحقيق اسرائيل انسحاباً ملموساً ذا صدقية من الضفة الغربية، والاعداد لمحادثات المرحلة النهائية وضرورة وقف بناء المستوطنات. وبالنسبة الى جولة بلير يتوقع ان يزور رئيس الوزراء البريطاني اسرائيل وغزة ومصر والمملكة العربية السعودية. لكن وزارة الخارجية ومكتب بلير أوضحا ان برنامج الجولة لا يزال قيد البحث وان التفاصيل الكاملة عن الدول التي سيزورها لم تعلن بعد. ويتوقع ان تتم الجولة بعد عطلة عيد الفصح التي تنتهي الاثنين المقبل. وبحث روس مع المسؤولين البريطانيين الأهمية الكبرى التي يعلقها الجانبان على جولة بلير من حيث العمل على انهاء الأزمة الراهنة في المنطقة واحراز تقدم وكذلك مساعدة الادارة الأميركية التي تضطلع بالدور الرئيسي كما يقر بذلك المسؤولون البريطانيون دائماً. من ناحية أخرى هاجم نائب بريطاني عمالي بارز جماعة الضغط اليهودية الرئيسية في بريطانيا، مجلس الممثلين اليهود، متهماً اياها بالخضوع "بشكل مطلق" للسياسات التي تنتهجها أي حكومة اسرائيلة، بما في ذلك حكومة بنيامين نتانياهو المتصلبة. وكتب جيرالد كوفمان، وهو يهودي، مقالاً في مجلة "نيو ستيتسمان" البريطانية وصف فيه هذا المجلس بأنه يتسم "بالغرور والجهل بحقائق الشؤون السياسية". وقد جاء مقال كوفمان بعد ان سحب هذا المجلس دعوة للغداء كان قد وجهها الى وزير الخارجية روبن كوك بعد ان قام بزيارة مستوطنة جبل أبو غنيم في القدسالشرقية في اطار جولته الأخيرة في الشرق الأوسط. وعبر كوفمان عن استيائه من سياسات حكومة نتانياهو ووصفها بأنها تعمل ضد مصالح الشعب الاسرائيلي الذي ينشد السلام العادل مع العرب. وتعكس تصريحات كوفمان مدى الضيق البالغ الذي يشعر به التيار اليهودي البريطاني المستنير ازاء سياسات نتانياهو التي ألحقت ضرراً بالغاً بالمسيرة السلمية ما أدى الى انهيارها الكامل. الى ذلك، دعت تسع جماعات سلام اسرائيلية الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أمس الى تكثيف مشاركتها في عملية السلام في الشرق الأوسط، وحملت حكومة نتانياهو المسؤولية عن تدهور أوضاع هذه العملية. راجع ص3