ليس سهلاً التعاطي مع الطرح الاسرائيلي لمسألة تنفيذ القرار 425، ذلك ان حكومة بنيامين نتانياهو تحاول وضع لبنان في مأزق عبر اظهاره في مظهر لا يريد استعادة ارضه المحتلة خوفاً من اغضاب سورية، في حين ان كل من يعرف حقيقة الوضع في لبنان يدرك ان لا معنى للطرح الاسرائيلي في الظروف الراهنة ما دام لبنان في الوضع الذي هو عليه. باختصار، ان مصلحة لبنان واللبنانيين تكمن في تلازم المسارين السوري واللبناني، ومصلحة لبنان هي في السلام الشامل وفي عدم الدخول في مواجهة مع سورية. وأكثر من ذلك ان صمود لبنان في وجه المناورات الاسرائيلية قوة لسورية مثلما ان صمود سورية قوة للبنان الذي تدعوه اسرائيل عملياً الى الدخول في متاهات هو في أشد الغنى عنها. فماذا تنفع ضمانات أمنية يقدمها لبنان الى اسرائيل من دون رضا سورية؟ وهل سيكون في استطاعة لبنان في حال انسحاب القوات الاسرائيلية من جنوبه منع عمليات تسلل الى اسرائيل عبر الحدود الدولية اذا لم تكن سورية راضية عن الانسحاب؟ واذا كانت ستشعر ان هذا الانسحاب يعني استمرار الاحتلال الاسرائيلي للجولان؟ لذلك، كان على فرنسا التي تستقبل اليوم السيد عبدالحليم خدام ووزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع ان تذكّر بأن في الامكان التعاطي مع الطرح الاسرائيلي بالنسبة الى القرار 425، مع تأكيد ان الحل في المنطقة لا بد ان يكون "شاملاً"، اي ان لا حل مع لبنان من دون حل مع سورية التي هي قفل السلام، اذا كانت مصر، الدولة العربية الاولى التي وقعت سلاماً مع اسرائيل، مفتاحه. ولكن يبقى السؤال الاساسي ما هو موقف واشنطن من الطرح الاسرائيلي؟ رغم ترحيب وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت باعلان اسرائيل قبولها بالقرار 425، فان واشنطن محتارة في شأن كيفية التعاطي مع الوضع الجديد. وأسباب الحيرة الاميركية تتلخص بأن المسؤولين عن عملية السلام في واشنطن يدركون ان الهدف الحقيقي لنتانياهو هو الهرب من أي محاولة لتحقيق تقدم على المسار الفلسطيني. وهنا كان الرئيس ياسر عرفات على حق عندما أعلن موقفاً ايجابياً من الافكار التي طرحها منسق عملية السلام الاميركي دنيس روس، قاطعاً الطريق على اي تحرك اسرائيلي طبيعي يستهدف رمي الكرة في الساحة الفلسطينية. أضف الى ذلك ان واشنطن تدرك ان اعلان اسرائيل استعدادها لتنفيذ القرار 425 امر يضر سورية ويستهدف الفصل بين المسارين السوري واللبناني، فهل هناك مصلحة اميركية، في ازعاج سورية هذه الأيام أو الضغط عليها ما دامت اسرائيل ترفض العودة معها الى المفاوضات انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها... وهي مفاوضات يوجد شهود اميركيون عليها من ألفها الى يائها؟ في هذا الاطار يطلب من لبنان التجاوب مع الطرح الاسرائيلي... هل ان الحكومة اللبنانية من الغباء لتقدم على عمل انتحاري؟